كشفت مركبة "بيرسيفيرانس" التابعة لوكالة ناسا عن أدلة جديدة تشير إلى أن المريخ كان في الماضي أكثر دفئًا ورطوبة مما كان يُعتقد سابقًا.
وخلال عمليات استكشافها الأخيرة، رصدت المركبة صخورًا باهتة اللون تحتوي على معدن "الكاولينيت"، وهو معدن يتشكل عادة في بيئات رطبة ودافئة على الأرض.
هذا الاكتشاف يدعم احتمال أن المريخ احتضن ظروفًا مناسبة للحياة قبل مليارات السنين، مما يعزز آمال العلماء في العثور على آثار لحياة ميكروبية قديمة على سطح الكوكب الأحمر.
دلالات علمية هامة
أوضح روجر وينز، أستاذ علوم الأرض والغلاف الجوي والكواكب بجامعة بيردو، أن العلماء كانوا يدركون منذ فترة طويلة أن المريخ كان يحتوي على أنهار وبحيرات، لكن الاعتقاد السائد كان أن درجات الحرارة على سطحه كانت منخفضة نظرًا لابتعاده عن الشمس.
إلا أن هذا الاكتشاف الجديد يشير إلى أن الظروف المناخية في الماضي ربما كانت أكثر اعتدالًا مما كان يُتصور.
وباستخدام تقنية "سوبر كام"، التي تتضمن كاميرا وليزرًا لتحليل الصخور، تمكن فريق البحث من تحديد وجود معدن الكاولينيت في الحصى البيضاء والصخور المنتشرة على سطح المريخ.
يُعرف هذا المعدن على الأرض بتشكله في بيئات رطبة ومعتدلة الحرارة، أو بالقرب من الينابيع الساخنة، وهي مواقع تُعتبر مثالية لدعم أشكال الحياة.
ما هو معدن الكاولينيت؟
يُعد الكاولينيت معدنًا طينيًا ناعمًا يُستخدم في صناعة السيراميك، ويتشكل عندما تتحلل الصخور القديمة بفعل المياه، حيث يذيب الماء الحديد والمغنيسيوم، بينما يبقى الكاولينيت الغني بالألمنيوم.
وأشار الدكتور شون مكماهون، عالم الأحياء الفلكية بجامعة إدنبرة، إلى أن اكتشاف هذا المعدن من قِبل المركبة الجوالة يمثل تطورًا مهمًا، إذ سبق أن رُصد من المدار في عدة مواقع على المريخ، لكن رؤيته عن قرب توفر فرصة لفهم أعمق لتاريخ الكوكب.
وأضاف أنه سواء تشكل الكاولينيت نتيجة هطول الأمطار وذوبان الجليد أو بفعل النشاط الحراري المائي تحت السطح، فإن وجوده يؤكد أن المريخ كان يتمتع ببيئة دافئة ورطبة لحقبة زمنية طويلة.
دور الاكتشاف في البحث عن الحياة
على الرغم من أن مركبة "بيرسيفيرانس" لاحظت وجود هذه الصخور منذ هبوطها، إلا أن التركيز على مهام أخرى أخّر دراستها.
ومع العثور على كميات أكبر من الصخور الغنية بالكاولينيت، قرر العلماء فحصها عن كثب.
حتى الآن، تمكن الباحثون من تحديد أكثر من 4,000 صخرة من هذا النوع منتشرة عبر سطح المريخ، فيما تشير الصور الفضائية إلى وجود رواسب غنية بالكاولينيت على حافة فوهة جيزيرو، حيث تواصل المركبة عملياتها الاستكشافية.
أسئلة جوهرية حول المياه على المريخ
تظل مسألة المياه من أكبر الألغاز التي يسعى العلماء لحلها فيما يتعلق بالمريخ، إذ يطرح هذا الاكتشاف تساؤلات جديدة حول كميات المياه التي وجدت على سطح الكوكب، ومدة بقائها قبل أن تتلاشى.
ويشير وينز إلى أن معدن الكاولينيت يحتوي على نسبة عالية من الماء ضمن بنيته، مما قد يعني أن جزءًا من مياه المريخ لا يزال محفوظًا داخل المعادن، بدلًا من أن يكون قد تبخر بالكامل أو تسرب إلى الفضاء.
مع استمرار مركبة "بيرسيفيرانس" في استكشاف حافة الفوهة، يأمل العلماء في العثور على مزيد من الأدلة التي يمكن أن تقدم إجابات عن طبيعة المناخ القديم للمريخ، وإن كان قد وفر بيئة مناسبة لازدهار الحياة الميكروبية في زمن بعيد.
[caption id="attachment_633358" align="alignnone" width="2405"]

اكتشاف جديد يعزز فرضية وجود حياة على المريخ[/caption]