أثار حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أيام عن إمكانية نشر قوات عربية في غزة جدلاً واسعاً، لا سيما أنه تحدث عن "قوات عربية لا تهدد إسرائيل"، فيما كشف خبير بحفظ السلام الدولي لوكالة ستيب نيوز عن 3 دول عربية لديها خبرة بسيطة بمثل هذا الطرح، لكنه أشار إلى مشروع سابق كانت إسرائيل عقبة في تطبيقه.
هل تنشر مصر قواتها بغزة؟
تزامن طرح نتنياهو مع الحديث عن خطته لاحتلال كامل قطاع غزة، وهذه الخطة لا تزال تشهد شداً وجذباً في الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية، المتخوفة من فقدان الأسرى المتبقين لدى الفصائل الفلسطينية ومن إمكانية تكبد خسائر كبيرة بصفوف الجيش الإسرائيلي.
وقال نتنياهو إن الخطة تفضي لتسليم قطاع غزة إلى "هيئة حاكمة تتولى إدارته بشكل مؤقت". وأوضح: "نريد تسليم السلطة لقوات عربية تحكم غزة بكفاءة من دون تهديدنا، ومع توفير حياة جيدة لسكان غزة. هذا غير ممكن مع (حركة حماس)".
وذكر موقع "أكسيوس" الإخباري أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرر عدم اعتراض قرار نتنياهو احتلال قطاع غزة بالكامل، كما قرر ترك الحكومة الإسرائيلية تتخذ القرارات التي تراها مناسبة.
وعلى إثر ذلك تطرقت تقارير عديدة إلى إمكانية أن تكون قوات من الجيش المصري تشكّل نواة لقوة حفظ سلام بغزة، إلا أن هذا السيناريو وفق خبراء يواجه العديد من التعقيدات.
وفي حديث لوكالة ستيب نيوز مع الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي وخبير حفظ السلام الدولي، أكد أن مصر تُعدّ أقدم دولة عربية شاركت في عمليات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة، حيث بدأت مشاركتها منذ عام 1960 في بعثة الكونغو كينشاسا. وأوضح أن مصر، إلى جانب الأردن والمغرب، تُعدّ من أكبر ثلاث دول عربية تمتلك خبرات واسعة في هذا المجال.
وأشار سلامة إلى أن هذه الدول الثلاث يمكن أن تتصدر القوات العربية في عمليات حفظ السلام، غير أن هناك تحديًا كبيرًا يتمثل في غياب الخبرة العسكرية المشتركة بين الدول العربية في مثل هذه العمليات، على عكس المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى مثل الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمن والتعاون في روسيا، والاتحاد الإفريقي وغيرها.
كما شدد سلامة على أن مصر أعلنت مرارًا وتكرارًا رفضها المشاركة في إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، سواء على المستوى الإداري أو الأمني أو العسكري، رغم أنها سبق وأن أدارت القطاع في الفترة ما بين عامي 1948 و1967.
وعلى الجانب الأردني قال مصدر أردني مسؤول لرويترز إن الدول العربية "لن تدعم إلا ما يتفق عليه الفلسطينيون ويقررونه"، مضيفاً أن الأمن في غزة يجب أن يتم التعامل معه من خلال "المؤسسات الفلسطينية الشرعية".
أما المسؤول في حماس أسامة حمدان فقال في تصريحات لقناة الجزيرة إن الحركة ستعامل أي قوة يتم تشكيلها لحكم غزة باعتبارها قوة "احتلال" مرتبطة بإسرائيل.
مشروع سابق أجهض
ورغم الحديث عن قلة خبرة الدول العربية بتشكيل قوات حفظ سلام خاصة، تطرق "سلامة" لمشروع سابق كان قد طرح في الجامعة العربية بهدف إنشاء قوة عسكرية عربية، لكن هذا المشروع أجهض.
وقال: "جميع الدول العربية كانت قد وقّعت عام 2015 على بروتوكول إنشاء قوة عربية عسكرية مشتركة، وهو مقترح تقدمت به مصر، بهدف مواجهة الإرهاب في الدول العربية، إضافة إلى حفظ السلم والأمن الإقليمي العربي. إلا أن التحديات والصعوبات حالت دون المصادقة على البروتوكول، مما أدى إلى إحباط هذه المبادرة المصرية الرائدة".
إسرائيل كانت عقبة
ويعيد طرح نتنياهو للأذهان الرفض الإسرائيلي السابق لمثل هذا السيناريو قبل عقود، حين طرحت فكرة وجود قوات حفظ سلام بالأراضي المحتلة.
ويقول: " نتذكر رفض إسرائيل عام 1956 نشر أول قوة طوارئ دولية للأمم المتحدة في صحراء النقب، كما رفضت مقترحات الاتحاد الأوروبي لنشر قوات متعددة الجنسيات غير مسلحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأكد أن الموقف الإسرائيلي يقوم على التذرع بالسيادة ورفض أي وجود أجنبي في الأراضي المحتلة، بما في ذلك قطاع غزة.
خطة إسرائيل باحتلال غزة
تصاعدت الخلافات بين المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل مؤخرا، إذ يتجه نتنياهو نحو إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، بما في ذلك المناطق المرجح وجود أسرى إسرائيليين فيها، وفق مكتب نتنياهو.
في حين يطرح رئيس الأركان "خطة تطويق" تشمل محاور عدة في غزة، بهدف ممارسة ضغط عسكري على حركة حماس لإجبارها على إطلاق الأسرى.
وكانت صحيفة معاريف قد ذكرت أن مسؤولين أمنيين ينتقدون بشكل متزايد الوضع العسكري في القطاع، قائلين إنهم لا يعرفون ما هي خطة المتابعة في قطاع غزة وإن رئيس الأركان طلب إجراء مناقشة عاجلة حول هذا الموضوع.
وفي الوقت ذاته، عبر رئيس حزب الديمقراطيين يائير غولان عن موقفه الرافض لاحتلال القطاع، ودعمه لموقف زامير مشيرا إلى أن الأخير "يقف بقوة أمام حكومة فاسدة لكن أياديه مكبلة".
مصر تتحدث عن حكام غزة الجدد
وفي هذا السياق قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن إدارة قطاع غزة ستتولاها "15 شخصية فلسطينية من التكنوقراط تحت إشراف السلطة الفلسطينية" لفترة مؤقتة مدتها ستة أشهر، مع التأكيد على "الوحدة العضوية بين غزة والضفة الغربية".
وأشار الوزير المصري إلى أن القاهرة "تواجه الكثير من التحديات والتهديدات من كل الاتجاهات"، مضيفًا: "لدينا مؤسسات ونتصرف كدولة مؤسسات لاحتواء تلك الصراعات في هذه المنطقة المضطربة".
وأضاف أن من بين الثوابت المصرية "عدم الانخراط في أي تحالفات أو أي استقطاب، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى".
ومن جانبها كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في تقريرٍ نشرته اليوم الثلاثاء، عن اتصالات مستمرة منذ أشهر خلف الكواليس لتعيين رجل الأعمال الفلسطيني، سمير حليلة، حاكماً على قطاع غزة، وهو ما يدعم نظرية الجانب المصري بتولي شخصيات التكنوقراط للحكم.
وقالت الصحيفة نقلاً عن مشاركين في هذه الجهود وعن وثائق قدمت إلى وزارة العدل الأمريكية أن الحديث عن محاولة لإدخال شخص إلى قطاع غزة، يعمل برعاية جامعة الدول العربية، ويكون مقبولا لدى إسرائيل والولايات المتحدة، ويتيح الوصول إلى “اليوم التالي” في قطاع غزة.
فرنسا تجدد طرح فكرتها
وفي أول رد فعل دولي حذرت الخارجية الفرنسية من أنه "في حال تنفيذ إعلان الحكومة الإسرائيلية الأخير عن الاحتلال العسكري لشمال غزة، فسيُشكل كارثة واندفاعاً مستهتراً، وسيكون الرهائن الإسرائيليون والسكان المدنيون في غزة أول ضحاياه مجددا".
وأضاف البيان أنه "لتجنب ذلك، أيدت الدول الموقعة على نداء نيويورك خلال مؤتمر الأمم المتحدة المنعقد نهاية يوليو (تموز الماضي)، نشر بعثة استقرار دولية مؤقتة بهدف ضمان أمن الإسرائيليين والفلسطينيين والمساهمة في تطبيق حل الدولتين".
ونهاية الشهر المذكور، أطلقت فرنسا و14 دولة أخرى، من بينها كندا وأستراليا، ما سمّته "نداء نيويورك"، الذي يدعو دول العالم كافة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وذلك في ختام المؤتمر الوزاري الذي عُقد في الأمم المتحدة بشأن حل الدولتين للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني.
وتقترح فرنسا أن "تتخذ هذه البعثة شكل تحالف دولي بتفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بقيادة شركاء إقليميين".
واعتبر البيان أن "من شأن هذا أن يوفر مسارًا موثوقًا لإنهاء الحرب الدائرة وبناء سلام دائم في المنطقة".
ودعت الوزارة إلى ضرورة أن "يُصاغ مستقبل قطاع غزة في إطار دولة فلسطينية مستقبلية بقيادة السلطة الفلسطينية".
[caption id="attachment_650251" align="alignnone" width="2405"] هل تدخل قوات عربية لغزة؟.. خبير يكشف عن 3 دول تمتلك خبرة وسيناريو آخر مطروحئيل[/caption]