بيتكوين: 115,495.91 الدولار/ليرة تركية: 40.90 الدولار/ليرة سورية: 12,905.13 الدولار/دينار جزائري: 129.70 الدولار/جنيه مصري: 48.31 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
قطر
قطر
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الجزائر
الجزائر
الامارات
الامارات
اخبار سوريا تحقيقات ستيب

دمشق.. حي القابون على مفترق طرق فما قصّة المخطط 104 و"أمراء الحرب"؟

دمشق.. حي القابون على مفترق طرق فما قصّة المخطط 104 و"أمراء الحرب"؟
في قلب العاصمة السورية دمشق، وعلى مساحة تمتد من كراجات العباسيين حتى عقدة المتحلق الجنوبي، ومن الأوتوستراد شمالاً حتى نهر تورا جنوباً، تدور معركة من نوع مختلف، معركة لا تُخاض بالسلاح، بل بالمخططات التنظيمية، وباللجان العقارية، وبالضغط في غرف الصناعة، عنوانها: "المخطط التنظيمي 104 لمنطقة القابون الصناعية". وبينما يُنظر إلى المخطط كمشروع مستقبلي لتحويل المنطقة إلى محور سكني وتجاري واستثماري، يرى بعض الصناعيين في ذلك تهديداً مباشراً لمصالحهم التي استفادوا منها لسنوات طويلة خلال حقبة النظام البائد.  

حلم المدن الصناعية… وكابوس التهجير

في عام 2000، صدر مرسوم رئاسي بإنشاء ثلاث مدن صناعية في سوريا: عدرا، حسيا، والشيخ نجار، بهدف نقل الصناعات الثقيلة والمتوسطة والملوثة من مراكز المدن إلى مواقع بعيدة حفاظاً على البيئة وتخفيفاً للازدحام. بناءً عليه، بدأت حكومة النظام السابق بتنفيذ خطة لإخراج جميع المنشآت الصناعية من منطقة القابون إلى مدينة عدرا الصناعية، وتحديداً بعد عام 2012، باستخدام مرسوم 66 الذي سبق واعتمد في تنظيم منطقة ماروتا سيتي ببساتين الرازي.  

صناعيون فوق القانون… ومعامل تعمل في الظل

رغم صدور القرارات، بقيت بعض المعامل تعمل في حي القابون، خاصة تلك العائدة لصناعيين مقربين من النظام البائد وأجهزته الأمنية و "أمراء الحرب"، والذين رفضوا مغادرة المنطقة. ويكشف مصدر خاص لوكالة ستيب نيوز، أنه جرى تشغيل هذه المعامل بالتنسيق مع الأجهزة المتنفذة في النظام البائد، وتم تأمين التيار الكهربائي لها في وقت كانت الكهرباء مقطوعة عن السكان المدنيين في القابون، الذين عانوا من التهجير وتدمير منازلهم.   ويؤكد المصدر أن أصحاب تلك المعامل استفادوا من فراغ السوق في العاصمة، ومن صعوبة وصول المنتجات من الريف إلى المدينة، ليحققوا أرباحاً مضاعفة على حساب الأهالي، واستمرت هذه الحالة لمدة 14 عاماً، شكلت فترة ازدهار غير مشروع لتلك الصناعات المخالفة.  

التقييم الجائر: من زراعي إلى صناعي… وفق الولاء لا القانون

يقول المصدر لـ"ستيب نيوز": "عندما بدأت عملية تقييم الأراضي والعقارات في القابون تمهيداً لتنظيمها، كانت لجنة التقييم تحت سيطرة هؤلاء الصناعيين أنفسهم، الذين أقصوا المالكين الأصليين بحجة انتمائهم للمعارضة أو لكونهم "خارجين عن القانون"، وصُنّف الجزء الأكبر من الأراضي (الذي يشمل المناطق التي شهدت أعنف المعارك ويملكها أبناء القابون المهجرون) على أنه أراضٍ زراعية، بينما حظيت المعامل بمضاعفة قيمة السهم الصناعي أربع مرات مقارنة بالسهم الزراعي.   بهذا الشكل، خسر المالكون الأصليون قيمة أرضهم ومنازلهم المشادة عليها، في حين تضاعفت مكاسب الصناعيين، وأصبح لهم اليد الطولى في تقرير مصير المنطقة. [caption id="attachment_645497" align="alignnone" width="1760"]حي القابون في دمشق ويظهر شبة مدمّر بالكامل حي القابون في دمشق ويظهر شبة مدمّر بالكامل[/caption]

محاولة لإجهاض المخطط 104

اليوم، وبعد سقوط النظام البائد وبدء النظر في اعتماد المخطط التنظيمي 104 كمخطط سكني وتجاري استثماري، يعود الخوف مجدداً، ليس على مستقبل المعامل، بل على إمكانية التلاعب بالمخطط خدمةً لنسبة لا تتجاوز 5% من ملاك المنطقة – أولئك الصناعيين الذين استحوذوا على كل شيء، ويريدون الإبقاء على الوضع كما هو.   يشير المهندس ظافر الحموي، رئيس لجنة حي المصانع في القابون، إلى أن ما يجري الآن داخل غرفة صناعة دمشق هو محاولة ضغط ممنهجة من قِبل الصناعيين لعرقلة المشروع وتحويل المخطط من سكني إلى صناعي مجدداً. ويضيف: "نحن لا نريد الضرر لغيرنا، لكننا نطالب بتقييم عادل لأرض المنطقة يعيد الحقوق لأهلها، لا أن يبقى تحت سيطرة مجموعة جشعة استفادت من الحرب والدمار".  

محور الصراع: بين إعادة الإعمار واستثمار الحرب

إن المخطط التنظيمي 104 لا يُمثل فقط مشروعاً عمرانياً بقدر ما يعكس صراعاً بين رؤيتين لسوريا ما بعد الحرب: رؤية تدعو إلى العدالة وإعادة الحقوق لأصحابها الأصليين، وأخرى تريد الحفاظ على امتيازات نشأت في ظل الفوضى واستثمار الحرب.   هذا المخطط، بحسب مختصين في الشأن العمراني، لا يزال بحاجة لتعديلات، خاصةً فيما يتعلق بإزالة آثار التمييز الذي مارسته حكومة النظام السابقة بحق المالكين الأصليين، وتفتيت النسيج الاجتماعي عبر توزيع الأراضي على أساس الولاء لا الملكية.  

هل يتغير وجه القابون فعلاً؟

المخطط التنظيمي 104 يقف على مفترق طرق، فإما أن يُعتمد كمخطط حديث يعيد الحياة للقابون ويُنصف أهلها، أو يتحول إلى أداة جديدة في أيدي المنتفعين من بقايا النظام البائد، والمعركة اليوم ليست فقط على أراضٍ وأملاك، بل على العدالة، والذاكرة، ومستقبل مدينة لا تزال تنزف من جراحها.   ويذكر أن حي القابون يقع على المدخل الشمالي الشرقي لمدينة دمشق، ويُعتبر عقدة مواصلات رئيسية تصل العاصمة بالمحافظات الشمالية والشرقية (حمص، حلب، دير الزور)، ويمر عبره الأوتوستراد الدولي (دمشق – حمص) ما يجعله معبراً أساسياً للحركة التجارية والمدنية. كما يشكل حي القابون نقطة اتصال مباشرة بين ريف دمشق الشمالي والغوطة الشرقية وبين قلب العاصمة، وكان يُستخدم كنقطة دخول رئيسية للمنتجات الزراعية والصناعية القادمة من الريف، ما أكسبه أهمية اقتصادية ولوجستية كبيرة، ويحتوي القابون على منطقة صناعية نشطة تاريخياً تشمل معامل نسيج، غذائيات، كيميائيات، ومعادن، وقربه من مركز دمشق جعله منطقة تصنيع وتخزين وتوزيع هامة تلبي حاجة السوق في العاصمة. ويجاور القابون أحياء حيوية مثل جوبر، برزة، تشرين، والزبلطاني، وقربه من كراجات العباسيين والمتحلق الجنوبي يزيد من أهميته كعقدة مواصلات وتنقّل.   ويبقى القابون ليس مجرد حي سكني أو صناعي، بل هو عقدة استراتيجية عمرانية واقتصادية وعسكرية، وأهميته تكمن في كونه شرياناً يربط دمشق بمحيطها، ومع أي مشروع لإعادة تنظيمه (كالمخطط 104)، يجب مراعاة هذه الخصائص لتجنب قرارات تُبنى على حساب الوظيفة الحيوية التي طالما لعبها هذا الحي. [caption id="attachment_645496" align="alignnone" width="2405"]دمشق.. حي القابون على مفترق طرق ما قصّة المخطط 104 و دمشق.. حي القابون على مفترق طرق ما قصّة المخطط 104 و"أمراء الحرب"؟[/caption] اقرا أيضاً|| منازل الديماس في دمشق تشعل أزمة بقرارٍ حكومي والأهالي يوجهون "رسالة" قبل التهجير
المقال التالي المقال السابق
0