أفادت صحيفة هآرتس بأن تركيا تمكنت من تحويل سوريا إلى منطقة نفوذ خاضعة لها بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، حيث تسعى لتعزيز سيطرتها الإستراتيجية هناك.
ووفقًا للتقرير، فإن هذا التوجه قد يؤدي إلى إغلاق المجال الجوي السوري أمام إسرائيل في حال تولت تركيا مراقبته بدلًا من روسيا.
انعكاسات دعوة أوجلان لنزع السلاح
تطرقت الصحيفة في مقال للكاتب زفي بارئيل إلى إعلان زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، الذي دعا إلى إلقاء السلاح وحل الحزب، معتبرة أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تحولات جذرية في ميزان القوى داخل سوريا.
وأضافت أن الإعلان قد يعزز انسحاب القوات الأميركية من البلاد، مما يشكل تحديًا للوجود الإسرائيلي في الجنوب السوري.
ورغم أن أوجلان سبق أن استجاب لمبادرات تركية مماثلة، فإن هذه الدعوة تحمل طابعًا أكثر تطرفًا، إذ تطالب الحزب بإنهاء وجوده تمامًا.
ومع ذلك، فإن قرار قيادة الحزب يوم السبت الماضي بتبني الدعوة جزئيًا وإعلان وقف إطلاق النار، لا يعني بالضرورة تفكيك التنظيم أو نزع سلاحه، لكنه قد يكون خطوة أولى على طريق مفاوضات سياسية معقدة غير مضمونة النجاح.
تركيا وسوريا: مشروع نفوذ طويل الأمد
تؤكد الصحيفة أن إنهاء الصراع الممتد لعقود، والذي أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص، يصب في مصلحة كل من الأكراد وتركيا، لا سيما في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وترى أن أنقرة، التي سعت إلى تعزيز دورها في سوريا عقب سقوط الأسد، لا تكتفي بالمشاركة في إعادة إعمار البلاد، بل تعتبر سوريا جزءًا من نطاق نفوذها الإستراتيجي، خاصة مع تراجع الدور الإيراني هناك.
لكن تحقيق هذا النفوذ يتطلب من تركيا العمل على مساعدة الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في توحيد البلاد، وإنشاء جيش وطني يحل محل الفصائل المسلحة، خصوصًا قوات سوريا الديمقراطية في الشمال والقوات الدرزية في الجنوب، اللتين تشكلان عقبة أمام توحيد المشهد السياسي والعسكري السوري.
التحديات العسكرية والوجود التركي في سوريا
بحسب هآرتس، فإن الوجود العسكري التركي في الشمال والاحتلال الإسرائيلي لبعض المناطق في الجنوب يعقّدان المعادلة.
وهذا يضع تركيا أمام تحدٍ يتمثل في ضرورة سحب قواتها لتجنب تصنيفها كدولة محتلة، مع العمل في الوقت ذاته على منع إقامة كيان كردي مستقل قد يشكل تهديدًا لها.
ورغم إعلان القوات الكردية استعدادها للاندماج في الجيش السوري، فإن الخلافات بين الطرفين حول آلية تحقيق ذلك تعقّد الأمور. وبالتالي، لن تسحب تركيا قواتها قبل حل مسألة القوات الكردية، مما يجعل المصالحة بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني ذات أهمية إستراتيجية كبرى.
مأزق إسرائيل والتغيرات الإقليمية
إذا نجحت هذه المصالحة، فقد تؤدي إلى إعادة تشكيل العلاقة بين النظام السوري والأكراد، ما قد يؤثر على استمرار القتال بين تركيا والقوات الكردية في سوريا. ومع ذلك، فإن قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، أكد أن إعلان أوجلان لا يلزم قواته، مما يعكس تباين المواقف داخل الصف الكردي.
تعتمد القوات الكردية في سوريا بشكل أساسي على الدعم الأميركي ووجود نحو 2000 جندي ومدرب أميركي في شمال البلاد. ومع تلميحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب -الذي سبق أن سعى عام 2019 لسحب قوات بلاده- إلى إمكانية ترك الملف السوري في يد تركيا، قد يجد الأكراد أنفسهم معزولين في مواجهة كل من أنقرة ودمشق، بينما تمضي تركيا قدمًا في تسوية مع حزب العمال الكردستاني.
وفقًا للسيناريو الذي تروج له أنقرة، فإن الأكراد في سوريا قد يفقدون أي خيارات للمناورة العسكرية أو الدبلوماسية، ما قد يجبرهم على قبول شروط النظام السوري، التي تعكس في الواقع إملاءات أردوغان، ما يسهل انسحاب القوات التركية لاحقًا.
وفي ظل هذا المشهد، ستواجه إسرائيل وضعًا جديدًا تصبح فيه القوة الأجنبية الوحيدة التي تحتفظ بوجود عسكري داخل سوريا، مما سيضعها تحت ضغوط متزايدة من تركيا وسوريا، وربما أيضًا من الولايات المتحدة، التي قد تمنح أردوغان هامشًا أوسع للتحرك في سوريا بوصفه الحليف الذي يتولى إدارة الملف نيابة عنها.
[caption id="attachment_632659" align="alignnone" width="2405"]
صحيفة عبرية تتحدث عن دور تركيا في سوريا والمواجهة مع إسرائيل[/caption]
