شهدت سوريا تحولاً جذرياً في المشهد السياسي منذ سقوط نظام بشار الأسد قبل نحو شهر على يد الفصائل المعارضة التي قادتها "إدارة العمليات العسكرية".
ومع خروج الأسد، حليف إيران الاستراتيجي، من دمشق ولجوئه إلى روسيا، أعربت إيران بوضوح عن رفضها للوضع الجديد. في المقابل، سارعت العديد من الدول العربية والأوروبية، إلى جانب الولايات المتحدة، بإرسال وفودها إلى سوريا لدراسة التطورات ومساعدة البلاد على الخروج من أزمتها المستمرة منذ عام 2011.
إيران ترفض المسار الجديد
أبرزت تصريحات المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، رفض إيران للمسار السياسي الحالي في سوريا.
في عدة خطب، أكد خامنئي أن المناطق السورية "المحتلة" سيتم تحريرها على يد الشباب السوري، مستخدماً لغة تصعيدية دون الإشارة صراحة إلى الحكام الجدد.
وأكد في إحدى تصريحاته بتاريخ 3 يناير أن "المتفاخرين اليوم سيُداسون تحت أقدام المؤمنين"، مما يعكس موقفاً معادياً للتحولات السياسية الجارية.
موسكو تلعب دور الوسيط
وسط هذه التحولات، تسعى موسكو، حليفة طهران، إلى الحفاظ على نفوذها في سوريا والمنطقة، خاصة بعد أن كانت الداعم الرئيسي لبشار الأسد طوال السنوات الماضية.
استمرار التوترات المسلحة
توقع أحمد بخشايش أردستاني، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، تصعيداً عسكرياً في سوريا مع استمرار الخلافات بين الفصائل المسلحة المختلفة.
وفي تصريحات لموقع "مرصد إيران"، أوضح أردستاني أن تحقيق حكم ديمقراطي في سوريا أمر مستبعد في ظل غياب قوى تؤمن بالديمقراطية.
وأشار إلى الصراعات الطائفية والعرقية بين الأكراد، العلويين، الدروز، والجماعات السنية المتشددة، مضيفاً أن هذه الانقسامات تعمق الأزمة وتزيد من احتمالات استمرار العنف.
وتحدث أردستاني عن دور "هيئة تحرير الشام" في الحكم الجديد، مشيراً إلى أنها تعتبر نفسها الفصيل الأقوى، مما يجعلها تواجه تحديات في فرض سيطرتها على باقي الفصائل المسلحة.
وأكد أن العلويين والأكراد أبدوا رفضهم للتعاون مع الحكومة المؤقتة، مشيراً إلى أن التوترات المسلحة قد تستمر نتيجة تضارب المصالح الإقليمية والدولية.
الدور الأميركي والتركي
اتهم أردستاني الولايات المتحدة بالسعي إلى إقامة "جمهورية ديمقراطية كردية" في سوريا والعراق، وهو ما ترفضه تركيا بشكل قاطع.
وأضاف أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يحاول استبدال الدور الإيراني في سوريا بنفوذ تركي عبر إنشاء قواعد عسكرية.
إيران وميليشياتها
أكد أردستاني أن إيران لن تتخلى عن نفوذها بسهولة، مشيراً إلى أن قوات "المقاومة السورية" المدعومة من إيران ما زالت موجودة، وقد تم تدريب الآلاف منهم، لكنه لفت إلى أن هذه القوات لم تقدم الدعم لنظام الأسد خلال الهجمات الأخيرة من "هيئة تحرير الشام"، مما يعكس تراجع دورها الفعلي.
وأوضح أن العلويين والشيعة، الذين دربت إيران بعضهم في إطار ما يُعرف بـ"الباسيج السوري"، قد يواجهون صعوبة في التكيف مع الحكومة الجديدة إلا إذا تمكنت الأخيرة من تحسين أوضاعهم الاقتصادية وضمان أمنهم.
روسيا والهيمنة الإقليمية
رأى أردستاني أن روسيا، الحليف الأبرز للأسد، لن تتنازل عن مصالحها بسهولة، موضحاً أن موسكو تعتبر سوريا بوابة استراتيجية للوصول إلى البحر المتوسط.
إيران وسياسة الصمت
رغم التصعيد في التصريحات، تلتزم إيران بسياسة صمت محسوبة تجاه الوضع في سوريا. ووفق أردستاني، فإن إيران تدرك التحديات التي تواجه الحكومة السورية المؤقتة، مما يدفعها لعدم خلق مزيد من العقبات حالياً.
أكد أردستاني أن سوريا ستواجه تحديات كبيرة أمنية واقتصادية، مما قد يدفع الشباب السوري إلى تشكيل تنظيمات معارضة للحكومة الجديدة.
[caption id="attachment_624829" align="alignnone" width="2405"]

مسؤول إيراني.. الآلاف مدربون وجاهزون لـ"المقاومة" في سوريا[/caption]