أثار مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية في مصر موجة واسعة من الانتقادات، حيث عارضته بشدة منظمة "هيومن رايتس ووتش"، بالإضافة إلى منظمات حقوقية ونقابية وخبراء أمميين مستقلين.
في بيان مشترك، انتقدت نقابتا المحامين والصحفيين المصريتين، إلى جانب منظمات حقوقية محلية ودولية وأحزاب سياسية وخبراء أمميين، القانون الحالي للإجراءات الجنائية.
وأكدوا أنه يمنح النيابة العامة والقضاء سلطات واسعة لتمديد الحبس الاحتياطي لأشخاص لفترات طويلة، دون توفير جلسات استماع عادلة أو أدلة كافية تدين المحتجزين.
كما أشار البيان إلى أن القانون يفتقر إلى تعريف واضح وعقوبات مناسبة لجرائم واسعة الانتشار مثل التعذيب والاختفاء القسري.
هيومن رايتس ووتش تحذر من "تعزيز الإفلات من العقاب"
وفي أكتوبر الماضي، قدمت "هيومن رايتس ووتش" مراجعة غير شاملة لمشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي استندت فيه إلى وثيقة حكومية تضم 95 صفحة تم نشرها عبر مواقع مؤيدة للحكومة المصرية.
وذكرت المنظمة أن التعديلات المقترحة، إذا ما تم اعتمادها، ستؤدي إلى توسيع نطاق الإفلات من العقاب للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تُرتكب من قبل عناصر الشرطة والأمن.
وأضافت أن القانون سيستمر في انتهاك التزامات مصر الدولية بضمان حقوق الضحايا في الوصول إلى العدالة.
تحذيرات من "تحويل القضاء إلى أداة قمع"
البيان المشترك وصف مشروع القانون الجديد بأنه "جزء من مجموعة قوانين منتهِكة" تمنح السلطات المصرية صلاحيات مفرطة.
وأشار إلى أن هذه الصلاحيات مكّنت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال العقد الماضي من استخدام النظام القضائي كأداة للقمع الجماعي، مع احتجاز عشرات الآلاف من المعارضين والمنتقدين بشكل تعسفي، ووفاة بعضهم أثناء الاحتجاز.
وخلص تحليل أولي للمشروع إلى أنه لا يقدم إصلاحات حقيقية، بل يعزز صلاحيات النيابة العامة على حساب القضاة ويديم السلطة المطلقة لقوات الأمن.
رؤية مؤيدة للمشروع
على الجانب الآخر، اعتبرت النائبة إيفلين متى، في تصريح لصحيفة محلية، أن القانون الجديد "راعى المقترحات الحديثة"، مشيرة إلى أن نص المشروع يتألف من 540 مادة، ومن المتوقع إقراره في الجلسة العامة خلال شهرين.
وأضافت أن القانون يهدف إلى تسريع إجراءات التقاضي وتوفير ضمانات أوسع للمتقاضين.
خطوات تشريعية متقدمة
وافق مجلس النواب المصري الأسبوع الماضي، من حيث المبدأ، على مشروع القانون الجديد، بناءً على تقرير لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية.
ووفقاً لتصريحات برلمانية لوسائل إعلام محلية، فإن المشروع يستهدف تحقيق عدالة ناجزة وتقديم ضمانات أوسع لحقوق المتقاضين، مع التركيز على تسريع الفصل في القضايا وضمان المحاكمات العادلة.
القوانين السابقة في السياق
وفي يناير 2024، أصدر الرئيس السيسي القانون رقم 1 لسنة 2024 الذي عدّل بعض أحكام الإجراءات الجنائية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، ونُشر في الصحيفة الرسمية بعد موافقة مجلس النواب عليه نهائياً، وفقاً لمنصة "هنا القانون" المصرية.
التعديلات على قانون الإجراءات الجنائية تظل مثار جدل واسع، مع انقسام واضح بين الأصوات المؤيدة والمعارضة، وسط تساؤلات عن مدى تحقيقها للتوازن بين ضمان العدالة وحماية حقوق الإنسان.
[caption id="attachment_622468" align="alignnone" width="2405"]

تعديل على قانون مصري يثير الجدل.. وتدخل لمؤسسات ومنظمات دولية[/caption]