لم يكن يتصور أحد أن يتمكن الباحثون يوماً من اكتشاف "أقزام" في الفضاء، لكن هذا ما حدث فعلاً، وإن لم تكن الأقزام كما نعرفها.
بفضل التطورات التكنولوجية في تلسكوبي "غايا" الفضائي و"غرافيتي" الأرضي في تشيلي، تم اكتشاف نوع غير عادي من "الأقزام البنية"، وهي أجرام سماوية لا تزال غير معروفة بالكامل. وتتميز هذه الأقزام بأنها تحتل موقعاً وسطياً بين الكواكب والنجوم، وفقاً لدراسة جديدة.
تُعتبر "الأقزام البنية" أكبر من الكواكب لكنها أصغر من النجوم، ويصعب اكتشافها بسبب توهجها الضعيف، حيث تصبح رؤيتها أكثر تعقيداً عندما تكون بالقرب من نجم أكثر سطوعاً بألف مرة.
في هذا السياق، شرح الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، سيلفستر لاكور، أحد معدّي الدراسة المنشورة في مجلة "أسترونومي أند أستروفيزيكس"، أن رصد عدد كبير من هذه "الأقزام البنية" أصبح ممكناً "لأنها كانت تتجول بمفردها كأجسام معزولة، مما منع التوهج الشديد للنجم من إخفائها".
"حركة مدارية مختلفة جداً"
ولكن هذه المرة، تم رصد أقزام بنية تدور بالقرب من نجومها المضيفة، على مسافات مشابهة لتلك التي تفصل الأرض عن الشمس.
اعتمد علماء الفلك في دراستهم على أحدث قائمة للأجرام التي رصدها المسبار الفضائي الأوروبي "غايا"، والذي يقوم برسم خرائط للنجوم في مجرة درب التبانة، بما في ذلك مواقعها. وذكر عالم الفيزياء الفلكية أن بعض هذه النجوم أظهرت "حركة مدارية غير عادية، مما يشير إلى احتمال وجود قزم بني يدور حولها".
من بين آلاف النظم النجمية التي تمت دراستها، اختيرت ثمانية منها لتحليلها بشكل مكثف. باستخدام هذه المؤشرات، ركزت أداة "غرافيتي" في "التلسكوب الكبير جداً" التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي في تشيلي على "الموقع المتوقع"، وفقاً لما أوضحته الباحثة كارين بابوزيو من جامعة "غرونوبل آلب"، والتي شاركت أيضاً في الدراسة.
قام مقياس التداخل بدور عدسة مكبرة، وأجرى قياسات دقيقة للأجسام التي سبق رصدها بواسطة "غايا"، مما سمح للعلماء بتحليل توهجها وكتلتها، واستنتاج وجود "أقزام بنية" في خمسة من النظم النجمية الثمانية.
"الرفيقة الخفية"
كشفت الدراسة أن هذه "الأقزام البنية"، التي تعتبر كـ"رفيقة خفية" للنجوم وتقع على بعد أقل من 200 سنة ضوئية من الأرض، تملك كتلة تزيد بين 60 و80 مرة عن كتلة كوكب المشتري.
يساعد هذا الاكتشاف في فهم أفضل لطبيعة "الأقزام البنية"، وهي أجرام سماوية يُشار إليها بـ"النجوم المجهضة". يهتم العلماء بشكل خاص بمعرفة ما إذا كانت هذه الأجسام "تتشكل مثل النجوم من سحابة غازية مضغوطة، أو مثل الكواكب عند أطراف قرص تراكم حول نجم"، كما أوضح سيلفستر لاكور.
وعلى عكس النجوم، لا تقوم "الأقزام البنية" بحرق الهيدروجين في قلبها، مما يجعلها أقل سطوعاً بكثير (أقل بألف مرة وفقاً لهذه الدراسة)، لكنها لا تزال تصدر تدفقاً ضوئياً خاصاً لا تملكه الكواكب.
يأمل الباحثون أن يكون الاكتشاف التالي هو العثور على كواكب خارجية بفضل القدرات المجمعة لتلسكوبي "غايا" و"غرافيتي" التي تتيح مراقبتها المباشرة.
[caption id="attachment_587669" align="alignnone" width="2405"]

علماء يكتشفون "أقزام بنية" في الفضاء.. ما قصتها؟[/caption]