يُقصد بكلمة (الصيام) الامتناع عن تناول الطعام لفترة زمنية معيّنة ولغاية معيّنة، ويُعتبر "الصيام" أقدم الطرق العلاجية الطبيعية وأكثرها فعالية، ويُعتبر حجر الزاوية للعلاج الطبيعي، ويصفه أطباء الغذاء بأنه وسيلة الشفاء كليّة القدرة التي منحتها الطبيعة مجاناً للإنسان والكائنات الحيّة.
الصيام سيد العلاجات
تُعتبر ممارسة الصيام إحدى أقدم التقاليد، إنه مُمارس في كل ديانة تقريباً، الإسلام، المسيحية، البوذية، الهندوسية، وأديان أخرى كثيرة لها فتراتها الخاصة من الصيام الذي يُمارس بطرق مختلفة، ولطالما عوّل القديسون المسيحيون في العصور الوسطى على هذه الوسيلة خلال فترات تصوفهم. لقد أُوصي بممارسة الصيام كعلاج فعال أثناء المرض منذ زمن الفيلسوف الطبيعي "أسكليبياديس" Asclepiades، قبل أكثر من ألفي سنة، وعلى مدى تاريخ الطب والعلاج، اعتُبر الصيام أحد أكثر الوسائل الجديرة للعلاج، "أبقراط"، "جالينوس"، "باراسالزه" وغيرهم الكثيرون من عظماء الطب وصفوا هذه الوسيلة. والكثير من الأطباء العصريين البارزين اتبعوا هذا النظام بنجاح لمعالجة عدد من الأمراض، لأن المسبب المُشترك لكل الأمراض يتمثّل بتراكم بقايا الأطعمة وما تحتويه من سموم في الجسم والناتج من الإفراط في الطعام. إن مُعظم الناس يأكلون أكثر من المعدل العادي (وفق معايير الطبيعة وليس المعايير التقليدية) وبالمقابل لا يقومون بنشاطات جسدية كافية تمكن أجسامهم من استهلاك هذه الكمية الكبيرة من الطعام. هذا الفائض يُثقل على أعضاء الهضم والامتصاص وبالتالي يُطفح النظام بالشوائب والسموم، فيُصبح الهضم والامتصاص والطرح بطيئاً مما يؤدي إلى حصول اضطراب في كامل أداء المنظومة. اقرأ أيضاً:لماذا ارتبطت الممارسات الروحية مع النظام الغذائي النباتي عبر العصور والنظرية التي استندت إليها
وبالتالي، أوّل خطوة في محاربة المرض تتمثّل بعملية تخليص المنظومة من هذه الشوائب والسموم المتراكمة، يومكن معالجة كل مرض عبر وسيلة واحدة فقط، وهي القيام بعكس ما سببه أصلاً، أي التقليص من كمية الطعام أو الصيام عنه كلياً. من خلال حرمان الجسم من الطعام لفترة من الوقت، سوف تُمنح أعضاء الطرح، مثل الأمعاء، الكليتين، الجلد، والرئتين، فرصة للتخلّص بسهولة من حمل الطعام الزائد وبقاياه المتراكمة في المنظومة، ولذلك فالصيام هو عبارة عن عملية تنقية وتطهير، وهذا يجعله وسيلة سريعة ومجدية للعلاج. يساعد الصيام الطبيعة في جهودها المستمرة للتخلص من المواد الغريبة والبقايا المسببة للأمراض من الجسم، وبهذه الطريقة تصحّح أخطاء الهضم غير السليم الناتج من عيش طريقة حياة خاطئة. كما أن الصيام يساهم في تجدد الدم وكذلك في إصلاح وتجدد الأنسجة المختلفة في الجسم. اقرأ أيضاً:اليوغا بعيداً عن الأوهام.. منهج فكري وممارسة جسدية للشفاء وتطوير الذات
مدة الصيام
إذا كان الهدف من الصيام هو العلاج من مرض معيّن، فإن تحديد مدته يعتمد على سنّ المريض وطبيعة المرض وكمية ونوع الأدوية التي يتناولها المريض. في هذه الحالة، فإن تحديد مدة الصوم مهمة جداً لأن الصيام لفترات طويلة قد تشكل خطر على المريض، فيُنصح باستشارة طبيب، أو ممارسة الصيام بإرشاد متخصص في هذا المجال العلاجي. لكن من ناحية أخرى، إذا رغب الفرد في ممارسة الصيام كإجراء تطهيري للجسم، أو ممارسة روحية معيّنة، فوجب عليه في البداية القيام بسلسلة متقطعة من الصوم القصير، بحيث لا تتجاوز كل فترة يومين أو ثلاثة، ثم يزيد المدة تدريجياً في كل فترة صوم، حتى تصبح أسبوعاً، ثم ينقطع عن الصيام لأسبوع آخر ثم يعود إليه إذا أراد.
الطريقة المُثلى للصيام
هناك نوع من الصيام الكامل وهو شرب الماء فقط لعدة أيام، دون تناول أي طعام، اتبعها كثيرون عبر العصور القديمة، ولكن حديثاً ينصح بالصيام مع تناول عصير الفواكه، صحيح أن الطريقة التقليدية تنصح بشرب الماء النقي فقط، لكن المتخصصون البارزون في العلاج بالصوم يتفقون على أن الصيام على عصير الفواكه هو أكثر فعالية من الصيام على الماء النقي. ووفقاً للدكتور "رانغار بيرغ" المرجع العالمي في شؤون التغذية قال إنه: "خلال فترة الصوم، يقوم الجسم بحرق وطرح كميات كبيرة من البقايا المتراكمة، يمكننا المساعدة في عملية التنظيف هذه من خلال شرب عصير قلوي بدلاً من الماء خلال الصوم، فيتم بذلك تسريع التخلص من الحامض البولي وغيره من الحموض غير العضوية الأخرى، بالإضافة إلى أن السكريات في العصير تقوّي القلب، وبالتالي، فإن الصوم على العصير هو أفضل أشكال الصيام". شاهد أيضاً:تدريبات خفيفة لـ إنقاص الوزن باليوغا بعد الإفطار تعرف عليها -فيديو
إن الفيتامينات، المعادن، الأنزيمات، والعناصر الموجودة في عصائر الخُضار والفواكه الطازجة مفيدة جداً في ضبط وتعديل الوظائف الجسدية خلال فترة الصوم. ويجب على ممارس الصيام أن يتلقى أكبر قدر ممكن من الهواء النقي وأن يشرب الماء الفاتر عندما يشعر بالعطش، ويمكن تخفيف كثافة العصير من خلال إضافة الماء النقي، لكن يجب ألا يتجاوز مجموع السوائل المستهلكة يومياً 6 إلى 8 أكواب، بحسب هذه الطريقة.
