- دول عربية حررت عملاتها
وسط تزايد مخاوف الشعب اللبناني، خلال الفترة الأخيرة من إقدام المصرف المركزي على تعويم سعر صرف الليرة، تحت ضغوط صندوق النقد الدولي، والخوف من تراجع العملة المحلية، وارتفاع الأسعار، سلطت تقارير إعلامية الضوء على الدول العربية التي لجأت لسياسة التعويم. بداية كانت مصر من أولى الدول العربية التي لجأت إلى التخلي عن سعر الصرف الثابت للجنيه مقابل الدولار، وحررت سعر الصرف بشكل كامل، حيث أصبح يترك تحديد السعر تماماً لآلية العرض والطلب في السوق. ومن أبرز تبعيات القرار الفورية، تراجع في سعر صرف الجنيه بشكل حاد، فقد تحول من حوالي 8.8 جنيهات للدولار إلى 18 جنيها. ما أدى إلى ضعف احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي، مع ارتفاع نسب التضخم في مصر خلال الشهور اللاحقة لقرار التعويم لتتجاوز 35 %، في الوقت الذي تآكلت فيه ودائع المصريين المقومة بالعملة المحلية، بسبب هبوط أسعار الصرف. أما الدولة العربية الثانية كانت اليمن، والتي سارت طريق مصر، وعملت على تحرير عملته بشكل كامل في عام 2017، محاولةً بذلك إغلاق الفجوة بين سعر الصرف الرسمي، المحدد بنحو 250 ريالاً للدولار. إلا أنه كان من تبعيات هذا القرار تراجع سعر العملة المحلية، خلال ساعات، ليتجاوز 370 ريالاً للدولار، وهو سعر الصرف الدارج في السوق السوداء. وحتى اليوم ورغم مضي ما يقارب 4 سنوات على التعويم، فإن أسعار صرف الريال أمام الدولار الأمريكي، تتباين ويبلغ بالمتوسط 850 – 900 ريال في العاصمة المؤقتة عدن، وسط شح في النقد الأجنبي. أما بالنسبة للدولة العربية التالية، فكانت المغرب إلا أن سياستها جاءت مختلفة قليلاً، حيث قامت لجأت الحكومة المغربية للتعويم التدريجي للدرهم، كأحد بنود برنامج إصلاح اشترطه صندوق النقد الدولي لتقديم مساعدة للبلاد. وسمحت الحكومة المغربية في عام 2018، لسعر صرف الدرهم بهامش 2.5 % صعوداً أو هبوطاً أمام سلة من عملتي اليورو "بوزن 60 %" والدولار الأمريكي "بوزن 40 %"، كمرحلة أولى للتعويم الكامل على مدى 10 سنوات. وبدأ المغرب المرحلة الثانية بالتعويم في مارس/ آذار 2020، حيث قام بتوسيع هامش التحرك إلى 5% صعوداً أو هبوطاً. إلا أن اللافت في الأمر، هو عدم وجود أي ارتباكات حادة في المغرب، عقب عملية التعويم الجزئي، لأنها لم تكن أولوية للاقتصاد المحلي الذي كان يتمتع بدرجة من الاستقرار في الأنشطة التجارية وميزان المدفوعات، وتوفر البلاد على كتلة نقدية أجنبية آمنة. وكانت العراق، من الدول العربية التي قامت بالتعويم الجزئي لعملتها، خاصةً بعد مواجهة البنك المركزي العراقي في النصف الثاني من العام الماضي، هدراً في احتياطي النقد الأجنبي. والذي جاء نتيجة استغلال مضاربي السوق السوداء للفارق بين السعر الرسمي "1183 دينار للدولار" وسعر السوق الموازية "1490 دينارا للدولار". ما أجبر العراق تحت هذا الضغط، وضغوط من المؤسسات الدولية، في ديسمبر/ كانون أول الماضي، على تعويم جزئي للعملة، بخفض سعر الدينار إلى 1460 مقابل الدولار، بهدف القضاء على السوق السوداء. وكانت المالية العراقية بررت خفض قيمة الدينار، بمواجهة الأزمة المالية التي تتعرض لها البلاد، إثر تراجع أسعار بيع النفط في الأسواق العالمية، بسبب تداعيات جائحة كورونا. وأخيراً، كانت السودان هي آخر الدول العربية التي تخلت عن سعر الصرف الثابت لعملتها الوطنية، حيث أعلن البنك المركزي السوداني في فبراير/ شباط الفائت عن تعويم جزئي للعملة المحلية، في خطوة مماثلة تقريباً للإجراء العراقي. وكان المركزي السوداني، أصدر حينها بياناً، قال فيه: "إن القرار يهدف إلى توحيد واستقرار سعر الصرف، وتحويل الموارد من السوق الموازية إلى السوق الرسمية، واستقطاب تحويلات السودانيين العاملين بالخارج". والجدير ذكره أن خطوة المركزي السوداني تلك سبقها توحيد سعر الصرف، ما أدى عقب القرار مباشرة إلى خفض سعر العملة المحلية من 55 جنيها للدولار (السعر الرسمي حتى تاريخه) إلى 370 جنيها، كما بلغ كمتوسط في تعاملات الأسبوع الجاري 379 جنيها.