أطفال سوريا، من هو المسؤول الأول عما يحدث في شوارع العاصمة؟
ثلاثة عشر عامًا يدرس الطفل السوري فيها عن مهام الوزارات السورية، يبصم في منهاجه الدراسي أدوار الوزارات، يُمتحن في القاعات الدراسية بأسئلة حول مهام وزارة الشؤون الاجتماعية، ليجيب عليه بما تعلمه خلال الأعوام السابقة، ويبدأ بسرد أهمية دور وزارة الحماية الاجتماعية في رعاية الأطفال والنساء وتأمين الحماية لأبناء الشهداء وللأسر الفقيرة، والمساهمة في برامج الدعم الاجتماعي الموجه للفئات الفقيرة. لكنه يُصدم حينما يقدّم ورقة الامتحان ويخرج من باب المدرسة السورية مصادفًا في الشارع أقسى مظاهر التشرد والفقر، ليعود في اليوم التالي ويغني مجبرًا: "كوني، كوني نشيدَ المجدِ كوني في فَمِ الأشبال، نمضي إلى الأمام ونصنع الرَّوائِع أقدامنا حقول، طريقنا مصانع..."، و آلاف إشارات الاستفهام تدور في رأس ذاك الطفل. أطفال الشوارع، هكذا أطلق عليهم العالم أجمع، إلا أنه في سوريا تحديدًا أطلق عليهم لقب أطفال "الشعلة"، فلم يكن التشرد فقط مصير هذه الفئة من الأطفال، بل كان التشرد هو أهون ما يواجه مصيرهم، إذ أنّ استنشاق "الشعلة" جعل من التشرد واقعًا طبيعيًّا لا خطر فيه، حيث ألغى خطورة التشرد أمام وجود هذه الظاهرة المخيفة، أبناء وبنات، صغيرات وصغار، أصغرهم ذو خمسة أعوام، وأكبرهم ذو العشرة أعوام، بلا منزل ولا جدران، بلا عائلة تحميهم ولا وطن يحتضنهم، يمر العابر من أمامهم حزينًا وغاضبًا ومبتور الحيلة في آنٍ واحد، لا إمكانيات فردية تساعد في احتضانهم، ولا مبادرة من أيِّ جهةٍ رسميّة تتولّى أمرهم. وبعد عشرات القصص التي تُدمي القلب، يطرح العقل والمنطق شكواه، من يبيع الأطفال هذه المواد السامة، ولماذا لم يتم وضع رقابة رسمية من قبل المكتبات التي تبيع أكياس الهلاك هذه بمبالغ بسيطة.؟ في صنادق الكرتون، وتحت الجسور وفي الأنفاق، وداخل المباني المهجورة، هناك يرقد الطفل دون سكون، غارقًا في أزمة نفسية واقتصادية وصحية، يبحث عن التعليم فلا يجده، يبحث عن العافية فلا يجدها، لا يملك أدنى مقومات الحياة، يعدّ أيامه يومًا تلو الآخر، ينتظر نهاية اليوم منذ بداية الصباح، بينما ينعم الطفل في بلدان الحديثة بحقوق لا منتهية، حق التعليم، حق الحماية من الضرب والعنف الأسري، حق التنزه، حق الإيواء، حق الكسوة، حق التعبير. ملاحظة : وكالة ستيب نيوز لا تتبنى وجهة نظر كاتب المقال وليس من الضروري أن يعكس مضمون المقال التوجّه العام للوكالة .