ضغوط دولية متعددة الأبعاد على لبنان
يرى الصحفي والكاتب اللبناني، خالد زين الدين، خلال حديث مع وكالة ستيب نيوز، أن لبنان يواجه مرحلة شديدة الحساسية، وسط ضغوط دولية مكثفة تستهدف ملف السلاح في البلاد، مشيراً إلى أن القرار الدولي "اتخذ بتجريد السلاح، ليس فقط السلاح الشيعي المتمثل بحزب الله، بل أيضاً السلاح الفلسطيني وسلاح الإخوان والجماعة والجهاد والمخيمات". ويضيف أن هذه الضغوط "لا تقتصر على الجانب العسكري، بل تشمل ضغوطاً استخباراتية واقتصادية ومالية واجتماعية ودبلوماسية، إضافة إلى ضغوط إقليمية وعربية". وتعود جذور ملف نزع سلاح حزب الله إلى "وثيقة الوفاق الوطني اللبناني"، أو ما سمي بـ"اتفاق الطائف" في سبتمبر/أيلول 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية بين الطوائف والأحزاب اللبنانية وقضى -بين مقتضيات أخرى- بسحب سلاح الميليشيات وإدماجها في الدولة. غير أنه استثنى سلاح حزب الله من المصادرة، باعتباره "قوة مقاومة" في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان آنذاك، مما مكن الحزب من الاحتفاظ بترسانته ومواصلة نشاطه العسكري حتى بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2000.اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل وشروطه
ويشير زين الدين إلى أن "الإسرائيلي مرتاح ويضغط عسكرياً بدعم أمريكي واضح وكبير"، موضحاً أن الوزراء الشيعة، رغم قرار الحكومة، لم يقدموا استقالاتهم، ما يعني أنهم "ضمنياً موافقون، لكنهم مضطرون للتمايز في المواقف مراعاة للقاعدة الشعبية ونهج الحزب والعقيدة، وللحفاظ على وجودهم ومصيرهم، خصوصاً في ظل إملاءات دولية واضحة بأن أي وزير يستقيل سيتم تعيين بديل فوري له". وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي حيز التنفيذ، بعد شهور من عمليات عسكرية متبادلة بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين فتح الحزب ما أسماها "جبهة إسناد لغزة" عقب عملية طوفان الأقصى. وتضمن الاتفاق انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية التي استولت عليها، مقابل تخلي حزب الله عن ترسانته العسكرية وانسحاب مقاتليه من مواقعهم في الجنوب وتسليم إدارتها للجيش اللبناني.أزمة الزعامة الشيعية ومستقبل قيادة الطائفة
وحول الزعامة الشيعية، يعتبر زين الدين أن "الرئيس نبيه بري هو الضمانة الشيعية، لكن بري الذي بلغ العقد التاسع من عمره، وصل إلى مرحلة يصعب فيها قيادة المرحلة المستقبلية، ما يضع الشيعة أمام أزمة في إيجاد بديل يمتلك شخصية ونفوذ وحنكة بري"، لافتاً إلى أن "الأزمة وصلت عند الشيعة لعنق الزجاجة، وهم اليوم محشورون في الزاوية". ويضيف أن التغييرات في سوريا وضرب خطوط الإمداد، إضافة إلى تحييد العراق وتهديده، وضرب القوى الفلسطينية، كلها عوامل تزيد الضغط على "محور المقاومة". كما يرى أن "الشيعي يشعر بأن وجوده مهدد تحت ذرائع التطرف السني، والنية بالانقضاض عليه، واتهامات مرتبطة بالحدود الشرقية والبقاعية"، محذراً من أن ملف ترسيم
ملف مزارع شبعا والنزوح السوري كمصادر قلق إضافية
كما يتوقف عند ملف النزوح السوري، معتبراً أن "النزوح، سواء من النظام أو المعارضة، يخيف البيئة الشيعية، فيما يثير الانفتاح التركي على الشمال اللبناني قلق هذه البيئة أيضاً". ويضيف أن هناك تخوفاً كبيراً من سحب السلاح الذي يشكل "عقيدة واستمرارية"، إذ قد ينعكس ذلك على المجلس النيابي والتمثيل السياسي، ويتيح المجال أمام قوى جديدة من خارج الإطار التقليدي لتمثيل ما يُسمى بـ"الاعتدال الشيعي العربي"، بما يقوّض نفوذ الحزب سياسياً واجتماعياً. وشهد النصف الأول من عام 2025 سلسلة زيارات مكثفة لمبعوثين أميركيين إلى بيروت، عكست إصراراً غير مسبوق من الإدارة الأميركية وضغطاً كبيراً على الحكومة اللبنانية بشأن ملف سلاح حزب الله. وعن الموقف الإيراني، يقول زين الدين إن "الرهان على إيران قائم، لكن طهران قد تضطر للانفتاح على أمريكا والخليج بهدف الاستثمار والتجارة ورفع العقوبات وتحسين مكانتها الإقليمية".سيناريوهات نزع السلاح وضمانات البيئة الحاضنة
ويرى أن "إنهاء السلاح والأحزاب قرار أكبر من لبنان وسيُنفذ"، مشيراً إلى أن الآلية قد تتم عبر "تسليم حزب الله سلاحه للجيش تدريجياً، مقابل ضمانات تتعلق بالأمن والوجود والمشاركة السياسية للبيئة الحاضنة له، مع الانخراط في مؤسسات الدولة ودعم الأمن والقضاء". ويستبعد أن يلجأ الجيش إلى نزع السلاح بالقوة، مؤكداً أنه "سيفاوض، لكن الحزب يدرك أن مرحلة الرخاء والتسهيلات قد انتهت، والمنطقة تتغير". ويشير إلى أن الضغوط لا تطال حزب الله فقط، بل تمتد إلى المكونات اللبنانية الأخرى، حيث "الدرزي محشور، والمسيحي وحلفاء الحزب انقلب بعضهم عليه تحت الضغط، ومنهم من أدرك أن الحزب لم يعد كما كان".موقف حزب الله الرافض لنزع السلاح بالقوة
وكان الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم أكد أن "سلاح الحزب ليس مطروحاً للتفاوض"، مشددا على أن "وظيفة المقاومة لم تنتهِ ما دام التهديد الإسرائيلي قائماً". واعتبر قاسم أن المطالبات بتسليم سلاح الحزب في هذه المرحلة تصب في خدمة "المشروع الإسرائيلي"، محذراً من أن أي محاولة لفرض نزع السلاح بالقوة ستفضي إلى عواقب وصفها بـ"الكارثية على لبنان والمنطقة".تصعيد سياسي محتمل ومخاطر الانزلاق نحو الفوضى
ويخلص زين الدين إلى أن "الدولة محشورة، والرئيس والحكومة في موقف صعب، ولبنان سيشهد تصعيداً سياسياً كبيراً وتجييشاً طائفياً، لكن لا مصلحة لأحد في حرب أهلية، لأن الجميع سيكون خاسراً". ويرى أن "لبنان اليوم ضعيف بكافة مكوناته، ويجب العودة إلى الحضن العربي ودعم لبنان لينهض، مع إلغاء الطائفية السياسية". ويختم بالقول: "الحزب يدرك، وإيران تعلم، ولبنان يجهل". اقرأ أيضاً|| ما مصير سلاح حزب الله؟.. الملف المعضلة بين خطة أمريكية و"انفجار" يلوح بالأفق وخبير يتحدث عن "سيناريو مستحيل" [caption id="attachment_649997" align="alignnone" width="2405"]