بيتكوين: 115,087.86 الدولار/ليرة تركية: 40.98 الدولار/ليرة سورية: 12,887.20 الدولار/دينار جزائري: 129.91 الدولار/جنيه مصري: 48.49 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
قطر
قطر
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الجزائر
الجزائر
الامارات
الامارات
مقال رأي

مقال رأي|| السويداء بين خديعة الانفصال ومصير "اللحديين الجدد"

مقال رأي|| السويداء بين خديعة الانفصال ومصير "اللحديين الجدد"
منذ أكثر من خمسة عشر عامًا، ظهرت تقارير إعلامية عن الحانة الصغيرة القريبة من البحر في مدينة تل أبيب، والتي يديرها "الجنرال" أنطوان لحد، الذي انحدر إلى رتبة مدير صالة. لقد شكّلت إسرائيل جيش لبنان الجنوبي في عام 1976، وتعاقب على قيادته جنرالان، ثم جرى رمي العناصر إلى المحرقة بمجرد انتهاء دورهم، بينما نُقل القادة إلى تل أبيب لمتابعة عيشٍ ذليل. خراب الجنوب، وخراب القرى التي ادّعوا حمايتها، ومعارك عبثية استمرت لعشر سنوات، حتى تم تحرير الأرض. هذا هو ملخص تاريخ عمالة جيش لبنان الجنوبي، الذي كان ذراعًا عسكرية وعازلًا أمنيًا و"مخلب قط" في الجنوب اللبناني، لتنفيذ المهام القذرة لجيش الدفاع الإسرائيلي. ومن الجدير بالذكر أنه، وعشية الانسحاب العسكري الإسرائيلي من جنوب لبنان، وعندما أمنت إسرائيل حدودها الشمالية وقررت إنهاء مهمتها في المنطقة، انسحبت دون حتى إخطار أو إعلام عملائها، تاركةً إياهم لمصيرهم ببساطة. تجربة لحد وجيش لبنان الجنوبي تجاوزت في أهميتها ورمزيتها حدود الحدث اللبناني والحرب الأهلية، وصارت رمزًا يلخّص مصائر كل القوى العسكرية اليمينية والمتطرفة والشاذة في العالم العربي، والتي تختار العمالة المباشرة للعدوّ المباشر، الأكبر، والصريح للأمة العربية وشعوب المنطقة، تحت شتّى الأعذار والمصالح الضيّقة والأسباب المضخّمة والمنفوخة، التي تسعى ببساطة إلى تبرير الخيانة الوطنية. المشهد اليوم في الجنوب السوري يكاد يطابق حرفيًا المشهد في جنوب لبنان، والخاتمة على الأرجح هي ذات المصير. لدينا في إسرائيل حكومة يمين متطرف، وزعماؤها وقادتها متورطون في قضايا فساد داخلي، كفيلة بجرّهم إلى محاكمات طويلة الأمد لا تنتهي بسنوات. والمخرج الوحيد لديهم للهروب من هذه المحاكمات هو إشعال الحروب الخارجية العبثية. مستغلّين تفوّقهم العسكري (الذي هو، في جوهره، حصيلة تراكمات دعم غربي لعقود)، وضوءًا أخضر أمميًا وعالميًا وغربيًا بطبيعة الحال، يجرّ قادة حزب الليكود الحاكم في إسرائيل المنطقة إلى حروب عبثية تدميرية، تفوح منها روائح الخراب والموت بشكل دائم ومستمر؛ لأنه، وببساطة، ما إن تسكت أصوات البنادق، حتى ترتفع مطارق قضاة المحاكم تدكّ أعناقهم. ولذلك تنتقل، وستنتقل، هذه الحكومة من حرب إلى حرب، ما دامت في السلطة، وما دامت ملاحقةً بقضايا الفساد. إنها، باختصار، حكومة كوارث؛ حكومة تحافظ على بقائها من خلال استمرار الأزمات العسكرية والأمنية، واستمرار اشتعال الحروب. وطبعًا، أي دمار أو خراب تتسبب به هذه الحروب لا يعنيها إطلاقًا، وما يعنيها فقط هو جشع البقاء في السلطة، وبأي ثمن.   لننتقل الآن إلى الطرف الآخر من المشهد: السويداء مدينة سورية صغيرة، وجزء من المكوّن السوري الطبيعي، وبطبيعة الحال، فإن مصيرها الطبيعي والحتمي هو الاندماج في الدولة السورية، كأمر مفروغ منه بالنسبة للسوريين جميعًا، وأهالي السويداء طبعًا ضمنًا. جميع أهالي السويداء يدركون هذه الحقيقة البديهية (بديهية سياسية واقتصادية وتجارية وجغرافية، وحتى عائلية عشائرية!)، وحتى أكثر الأطراف تطرفًا وصفاقة في السويداء لم تجرؤ، حتى اللحظة، على طرح مجرد فكرة الإدارة الذاتية، إدراكًا منها لجنون هذه الفكرة من جذورها، وعدم وجود أي أرضية لها من أي نوع. وقد تم التأكيد على ذلك في اجتماع 16 تموز/يوليو، الذي جمع كل القيادات الأهلية والدينية والعائلية والوطنية في السويداء، وظهر ذلك في بيان مصوّر ومكتوب. طرف واحد فقط في المدينة لم ترُق له هذه النتيجة، إذ إن استقرار السويداء وبسط سلطة الدولة والقانون سيكون ضربة مباشرة مركزة تُطيح بزعامته، التي تستند إلى الميليشيات والانتماء الفئوي والطائفي، ومقولات الملل والعشائرية والمذهب والدم، وغيرها، مما ينتمي بطبيعة الحال إلى مخلفات القرون الوسطى. فكانت لحظة التقاء المصالح: بين حكومة الليكود المتطرفة من جهة، والميليشيات الطائفية المتطرفة داخل السويداء من جهة أخرى، ولتكون السويداء نفسها هي الضحية. مدينةٌ كاملة تتحول إلى خراب خلال أسبوع، مع تهجير آلاف العوائل، وأزمة إنسانية، وشرخ اجتماعي لن يُمحى من الذاكرة السورية لعقود. لأي سبب؟ ولتحقيق أية غاية؟ لضمان بقاء رجلَي سياسة فاسدين في السلطة. الأول يحتمي بحزبه، والثاني يستتر تحت عمامته، والنتيجة العامة: خراب كامل. لو دخلت مؤسسات الدولة (التي هي لا تزال في طور البناء بالمناسبة، وعملية استكمال بناء الدولة تتضمن توحيد الجغرافيا السورية)، نقول: لو دخلت الدولة السورية إلى السويداء، وأردنا الحديث عن ذلك بواقعية ومن دون تهويلات المذعورين والمسعورين الطائفيين، فما الذي كان سيحدث في السويداء خلافًا لما حدث، على سبيل المثال لا الحصر، في السلمية؟ أو وادي النصارى؟ أو مشتى الحلو؟ أو جرمانا؟ أو صحنايا؟ أو جبلة؟ أو حتى القرداحة؟ بالنسبة لمناطق الساحل السوري، وكمؤشر حاسم وشديد البساطة يحسم الجدال ضد كل المذعورين الطائفيين وزعيقهم –الذي يأتي غالبًا من خارج البلاد– نستشهد بمؤشر اجتماعي بسيط: الكافيهات الشعبية والشبابية في مدينة ذات اختلاط طائفي عالٍ مثل اللاذقية، ممتلئة تمامًا بالشباب والصبايا، وبنسب ازدحام عالية، وفي جميع المناطق، وتحديدًا في أحياء مثل الزراعة، والأوقاف، وصولًا إلى الصليبة، حيث يتضح لأي مراقب مساءً أن الحياة طبيعية، والحركة الصيفية في أوجها، رغم الضائقة الاقتصادية والمالية. وعندما نقول إن أماكن الترفيه مزدحمة، فهذا يعني –بطبيعة الحال– أن الحياة في مؤسسات الدولة، والمنشآت التجارية، والأسواق، كلها بحالتها الطبيعية كتحصيل حاصل. الدولة السورية اليوم دولة ناشئة، وفي طور التأسيس، وبالتالي فإن مؤسساتها، وخاصة الجيش، لم تبلغ مرحلة النضج الكامل بعد، مما سيحتّم وجود أخطاء – ويجب مواجهة هذه الأخطاء بكل حزم حتى القضاء الكامل عليها – وهذا كله في نطاق الطبيعي. ولولا المقامرة القذرة التي قادتها إسرائيل وعملاؤها، لما كان حال السويداء اليوم إلا كحال جارتها وشقيقتها درعا، على سبيل المثال لا أكثر ولا أقل، ولكانت مشافي السويداء، وجامعاتها، ومدارسها، ومحاكمها اليوم في مرحلة عمل وبناء. لكن هذا الاستقرار وبناء الدولة هو أمر لا يناسب، للأسف، كل الأطراف. مصير السويداء اليوم هو مصير كل المدن السورية: المشاركة في بناء الدولة السورية، التي ابتُلينا ببنائها من الصفر، من الخراب، ومن الركام، بعد حرب سوداء طويلة. وستشارك جيرانها وأخوتها هذه المسيرة قريبًا. أما بخصوص "اللحديين الجدد"، فمقامرتهم ومصير أمثالهم تاريخيًا...معروف. [caption id="attachment_649689" align="alignnone" width="1200"]مقال رأي|| السويداء بين خديعة الانفصال ومصير مقال رأي|| السويداء بين خديعة الانفصال ومصير "اللحديين الجدد"وري[/caption]

 🔹 ملاحظة: هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر الوكالة

المقال التالي المقال السابق
0