اشتباكات بصرى الشام.. تصفية حسابات أم حملة أمنية؟
شهدت مدينة بصرى الشام في جنوب سوريا اشتباكات عنيفة بين قوات تتبع للأمن العام، وأخرى تنتمي لما كان يعرف سابقاً بـ"الفيلق الثامن" بقيادة أحمد العودة، في تطور ميداني مفاجئ يعكس تصاعد التوترات داخل الجنوب السوري.
ما الذي حدث في بصرى الشام؟
اندلعت الاشتباكات بشكل مفاجئ بعد أن حاصرت قوات تابعة للأمن العام، والتي يُعتقد أنها مدعومة من جهات داخل وزارة الداخلية، أحد مقرات الفيلق الثامن في المدينة. وسرعان ما تحولت المدينة إلى ساحة مواجهة، مع فرض حظر تجوال وانتشار واسع للقوى الأمنية والعسكرية.
وفيما تحدثت بعض الجهات عن "حملة أمنية تستهدف تجار المخدرات"، اعتبرها ناشطون على الأرض "تصفية ممنهجة"، استهدفت شخصيات معارضة سابقة، وعلى رأسهم قياديون في الفيلق الثامن.
من هو أحمد العودة؟
أحمد العودة، القائد السابق لـ"لواء شباب السنة"، أسس بعد اتفاقات التسوية عام 2018 الفيلق الثامن بدعم روسي، ولعب دوراً في استقرار بعض مناطق الجنوب. وعلى الرغم من محاولاته خلال الأشهر الماضية لدمج الفصيل بوزارة الدفاع السورية الجديدة، عبر تقديم ملفات رسمية بحسب ما صرّح به العقيد نسيم أبو عرة، فإن الأجواء بقيت مشحونة، وسط رفض ضمني من بعض الدوائر الأمنية لدمج "خصومها السابقين".
هل كان الهدف أحمد العودة؟
رغم أن العودة لم يكن في موقع الاشتباك المباشر، إلا أن طبيعة التحركات تشير إلى أن الفيلق التابع له كان المستهدف الأبرز، ما دفع مراقبين لاعتبار ما جرى بمثابة تصفية حسابات سياسية قديمة، خاصة مع تصاعد نفوذ بعض التشكيلات الجديدة داخل الأمن العام، والتي يُعتقد أنها محسوبة على تيارات عقائدية متشددة، سعت سابقاً لتقليص دور الفيلق الثامن في المنطقة.
روايات متضاربة.. وبلال الدروبي في الواجهة
تضاربت الروايات حول طبيعة الحملة، لكن فيديو مسرب يظهر إصابة القيادي السابق في الجيش الحر، بلال الدروبي، أمام عائلته خلال عملية أمنية، قلب المزاج الشعبي وأثار موجة غضب. فالدروبي، الذي كان من أبرز القادة العسكريين في بصرى الشام قبل انضمامه مؤخراً إلى الأمن العام، لم يكن معروفاً بتورطه بأي ملفات جنائية.
وتناقل نشطاء سوريون مقاطع مصورة توثق لحظة إصابة الدوربي، حيث تم إطلاق النار عليه أمام عائلته وأطفاله، وهذا ما أثار غضب السوريين، الطريقة التي تم التعامل بها مع الدروبي أعادت إلى أذهان الكثيرين أساليب النظام البائد في التصفية والاغتيال، ما زاد من حدة الاحتقان الشعبي.وكان بلال الدروبي، قائدا سابقا في الجيش الحر، وكان قائد كتيبة حافظ المقداد وأحد أبرز الثوار في بصرى الشام، بحسب ما قاله بعض النشطاء، وقد انضم مؤخرا إلى الأمن العام.???? || ???? || شاهد هذا الفيديو الذي يظهر كيف تم إيقاف المدعو "بلال الدروبي"، أثناء تواجده مع عائلته واغتياله امامهم، وهو ما يظهر كذب إدعاء جهات "الأمن العام" التي ادعت انها عملية ضد تجار مخدرات. pic.twitter.com/MeSszSP1gA
— درعا نت (@daraa_net_2020) April 10, 2025
خلفيات الصراع.. بين الانتقام والخلافات العقائدية
تشير مصادر ميدانية إلى أن الاشتباكات ربما فُجّرت على خلفية صراع قديم بين قيادات في الفيلق الثامن وبعض الجهات التي حاولت اختراق الأمن العام مؤخراً، وسط همس عن تورط تيارات عقائدية تتعارض فكرياً مع نهج العودة وفصيله، مما يرجّح فرضية "التصفية الانتقائية" أكثر من "الحملة الأمنية".
ما القادم؟
الوضع في بصرى الشام لا يزال متوتراً، وسط استنفار للفيلق الثامن من جهة، وحشود أُرسلت من الأمن العام من جهة أخرى. ولا يستبعد مراقبون أن تتسع رقعة الاشتباك، خاصة إذا لم تُكشف الحقائق كاملة.
في مشهد جنوبي لا يزال يعاني من هشاشة الاتفاقات وتسرب الجماعات المتشددة، تبقى الأسئلة مفتوحة: هل ما حدث محاولة لكسر توازن القوى في درعا؟ وهل هناك من يسعى لإقصاء العودة وفصيله من المشهد الجنوبي عبر إعادة إشعال فتيل الصراع من جديد؟
