ثلوج "الأربعين يوم" في سوريا.. قصة تضاهي الأساطير عاشها أهل الشام
نشر في
19 فبراير, 2025
|
367 مشاهدة
تُعرف "ثلوج الأربعين" أو "الثلجة الكبرى" بكونها واحدة من أقسى العواصف الثلجية التي ضربت بلاد الشام، وخاصة شمال سوريا، في شتاء عام 1911م (1329هـ)، واستمر تساقط الثلوج 40 يوما متواصلة، بدءا من 15 يناير كانون الثاني وتجدد في 20 يناير 1911 حتى أوائل مارس، مع درجات حرارة انخفضت إلى -27°مئوية في بعض المناطق، مما جعلها تُشبه مناخ سيبيريا .
التفسير العلمي للحدث: يُعتقد أن الظاهرة مرتبطة بكتلة هوائية قطبية قوية اجتاحت المنطقة، مصحوبة بمنخفض جوي استثنائي تسبب في استمرار التساقط وتراكم الثلوج. يُشير انخفاض الحرارة الشديد وتشقُّق الأعمدة الحجرية القديمة إلى أن الحدث كان استثنائياً مقارنة بالقرون السابقة، حيث لم تُسجل مثل هذه البرودة منذ نحو 600 عام .التأثيرات على المجتمع والبيئة: - توقفت حركة النقل بالكامل، بما في ذلك القطارات بين حلب ودمشق لمدة 30 يومًا، وانقطعت الطرق بين القرى والمدن . - ارتفعت أسعار الوقود (مثل الحطب والفحم) بشكل جنوني؛ وصل سعر رطل الفحم إلى **12 قرشا بعد أن كان قرشين . - توقفت الأفران عن إنتاج الخبز بسبب نقص الوقود، واضطر الناس لاستخدام طحين الشعير . 2. الخسائر البشرية والحيوانية: - نفوق نحو نصف مليون رأس من الغنم والماعز بسبب البرد والجوع، بالإضافة إلى موت آلاف الحيوانات البرية كالثعالب والذئاب . - وفاة مئات الأشخاص، خاصة المسافرين العالقين في الطرق أو ضحايا الأمراض الصدرية، بالإضافة إلى سكان البوادي في الخيام . 3. البنية التحتية والزراعة: - تشققت أعمدة حجرية في مساجد عمرها 600 عام، وتحطم الرخام في المنازل، وتجمدت السوائل في الأواني الزجاجية . - دُمِّرت أشجار الرمان والتين والجوز، وتضررت المحاصيل الشتوية بشكل كامل . 4. التأثير الاجتماعي: - أصبحت الثلجة مرجعا زمنيا للأهالي يُقال "وُلد بعد الثلجة بعشر سنوات" أو "حدث ذلك قبل الثلجة" . - فتحت الحمامات العامة أبوابها ليلاً لإيواء الفقراء هربًا من البرد القارس . الأسطورة مقابل الواقع ارتبط اسم "الأربعين" في دمشق بمقام ديني يُسمى "مقام الأربعين" أو "مغارة الدم" في جبل قاسيون، والذي يُعتقد أنه موقع مقتل هابيل على يد قابيل. لكن هذا الموقع لا علاقة له بثلوج الأربعين فعليا، إذ يرتبط اسمه بأساطير دينية عن أربعين محرابا أو صالحين. وقد شكلت "ثلوج الأربعين" نقطة تحول في الذاكرة الجمعية السورية، خاصة في حلب وعفرين، حيث خلّفت آثارا اقتصادية واجتماعية كارثية. وعلى الرغم من غياب التفسير العلمي الدقيق، تبقى هذه الظاهرة مثالا على تقلبات المناخ القاسية التي قد تتكرر مع تغير المناخ العالمي.