تعيش إسرائيل توتراً أمنياً وسط حالة استنفار قصوى للجيش كما أعلنها نتنياهو؛ وذلك تحسباً لرد طهران على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، ورد حزب الله على هجوم الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال الرجل الثاني في الحزب فؤاد شكر.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي نفى ضلوعه في عملية اغتيال هنية عبر بيان قال فيه إنه لم ينفذ أية غارة جوية في الشرق الأوسط باستثناء هجوم الضاحية الجنوبية لبيروت، إلا أن إيران وحزب الله ودول محور المقاومة اتهمت تل أبيب بالعملية.
ومحور المقاومة مكون من حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثي في اليمن، وجماعات مسلحة عدة في العراق وسوريا، وهي بمثابة خط دفاع أمامي إيراني، وتستخدمها إيران لنشر نفوذها في جميع أنحاء المنطقة.
ومع استمرار التوتر في المنطقة عموماً تُثار تساؤلات حول طبيعة رد إيران وحزب الله على إسـرائيل، وتداعياته ومدى إمكانية تسبب ذلك في اشتعال حرب إقليمية في المنطقة.
يقول الخبير في الشأن الإيراني والباحث في العلاقات الدولية إسلام المنسي لوكالة ستيب الإخبارية: "إيران فشلت فشلاً ذريعاً لأنه لابدَّ أن هناك مسؤولية تقع على إيران، على أقل الاحتمالات أنها فشلت في حماية ضيفها وفي حماية إقليمها من الاختراق".
ويضيف: "طبعاً الأراضي الإيرانية مخترقة وهذا الاختراق وصل إلى نخاع النظام الإيراني كما كان الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد، قد أعلن قبل ذلك أن الذي كان مسؤولاً عن مكافحة التجسس الإسـرائيلي هو نفسه جاسوس لتل أبيب".
ويتابع: "ورأينا كيف أن إسـرائيل كانت تخترق المفاعلات النووية وكيف كانت تمتلك مفجرات في قلب المفاعلات النووية تفجر أجهزة الطرد المركزي وقت ما شاءت"، قائلاً: "بالتأكيد نحن أمام انكشاف أمني إيراني كبير أمام إسـرائيل".
لماذا تم اغتيال هنية في طهران دون الدوحة؟
حول سبب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران رغم أن مقر إقامته في الدوحة، يقول المنسي: "إسرائيل أرادت أن توجه رسالة لإيران، فـ تل أبيب ليست في نزاع مع قطر إنما هي في حالة تنافس مع إيران لذلك الاستهداف داخل الأراضي الإيرانية"، مضيفاً "الاغتيال يحمل رسالة إسـرائيلية مفادها أنها قادرة على اختراق العمق الإيراني".
وفيما يتعلق بطبيعة رد إيران وإذا ما كانت سترد على اغتيال هنية، يقول الباحث السياسي: "طبعاً استهداف شخص غير إيراني على أراضي إيران يجعل طهران مضطرة للرد لكنها في النهاية غير مضطرة لأن يكون الرد كبيراً ومؤثراً وعلى حجم الاستهداف لأنه ليس إيرانياً في النهاية".
اغتيال هنية دون نخالة
يوم أمس الأربعاء، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة والوفد المرافق له أيضاً كانوا في طابق آخر بالمبنى المستهدف نفسه.
تعليقاً على استهداف هنية دون نخالة رغم أنه الآخر على قائمة الاستهداف الإسـرائيلي، يقول الخبير في الشأن الإيراني: "صحيح أن نخالة كان برفقة هنية ولم تستهدفه إسرائيل، ولكن لا أعلم مدى قدرة إسـرائيل للوصول إليه أو تتبعه. ربما هناك أسباب فنية".
ويضيف: "ولكن بالنسبة للأثر السياسي للضربة، فإن ما حدث كان كافياً لإحداث التأثير الذي كان يريده الاحتلال الإسـرائيلي. هو أراد أن يوصل رسالة معينة سواء كان اغتال الاثنين أم هنية لم يكن هناك فرق كبير أعتقد".
ويشير إلى أن السيناريو الأكثر ترجيحاً "هو سيناريو مشابه لما حدث في نيسان الماضي وهو رد مدوي ولكن ليس كبيراً لدرجة تجعلنا ندخل في حرب إقليمية أو حرب شاملة"، متابعاً "أعتقد هذا ما ينتظر المنطقة تصعيد ولكن تصعيد محسوب".
يشار إلى أن إيران نفذت هجوماً بمسيّرات وصواريخ على إسـرائيل، في 14 أبريل الماضي، استمر لنحو 5 ساعات، وهو هو أوّل هجوم مباشر من هذا النوع تشنّه طهران ضدّ تل أبيب، بعد حوالي أسبوعين على قصف للقنصليّة الإيرانيّة في دمشق نسب لإسرائيل وتسبّب بمقتل 16 شخصاً بينهم عناصر وقياديّان في الحرس الثوري الإيراني.
[caption id="attachment_595564" align="alignnone" width="1471"]

إسلام المنسي: خبير في الشأن الإيراني وباحث سياسي[/caption]
هل نشهد حرباً بين حزب الله وإسرائيل؟
قال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، في خطاب له اليوم الخميس إن رد الحزب على هجوم الضاحية الجنوبية واغتيال فؤاد شكر "أمر محسوم".
وأوضح أن "المقاومة، ليس أمامها سوى أن ترد"، غير أنه أكد أن أي "عمليات لن تحدث خلال هذه الأيام".
يقول المحلل اللبناني فادي عاكوم لوكالة ستيب الإخبارية: "الحرب المقبلة بين حزب الله وإسرائيل لن تكون حرباً بكل معنى الكلمة، بل ستكون محدودة ضمن قواعد الاشتباك خصوصاً أن كلا الطرفين لا يريد توسيع رقعة التوتر والاكتفاء بالرد على الضربات".
ويردف: "وبالتالي فإن حزب الله أصبح ملزماً أخلاقياً أمام قواعده الشعبية برد موجع وقوي يصيب الداخل الإسرائيلي؛ قد يصيب منصات الغاز أو قواعد عسكرية مهمة، وقد يتم إطلاق أعداد كبيرة من الصواريخ خصوصاً أن الحزب يمتلك ترسانة كبيرة".
ويزيد: "لن يكون الرد الذي يعتزم حزب الله القيام به كارثياً على إسرائيل، بل سيكون محدوداً في مناطق معينة وذلك لأسباب كثيرة منها أن الرد إذا كان كارثياً سيجر المنطقة بأكملها وبدعم غربي في أن تقوم إسرائيل بالرد وبشكل وحشي على لبنان وسوريا والعراق واليمن. وجميعنا يعلم كيف يكون الرد الإسرائيلي الوحشي باستهداف جميع البنى التحتية والمناطق المدنية والمطارات والموانئ".
ويكمل: "يعني ستكون الأمور كارثية بالنسبة لدول المنطقة وليس بالنسبة لإسرائيل. مع العلم أن دول المنطقة ونحن نتكلم الآن عن سوريا ولبنان بشكل خاص، تمر بأزمة اقتصادية خانقة ولا توجد مساعدات كما كان في السابق ولكن إسرائيل لديها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والدول الغربية لدعمها اقتصادياً ومادياً لتعويض الخسائر.
حتى لو خسرت منصات تسييل الغاز ومنصات استخراج البترول ولكن إسرائيل لن تكون الطرف الأضعف، بل ستكون الطرف الأقوى بسبب الدعم الدولي لها".
https://youtu.be/pM03_rPazPk
هل سيتم احتواء التصعيد؟
رغم جهود دول غربية وعربية عدة لاحتواء التصعيد الحالي بين إسرائيل وحزب الله وبين إسرائيل وإيران، إلا أن مؤشرات اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط تتزايد.
يقول عاكوم إن "الاحتواء هو طلب من الجميع خصوصاً من الولايات المتحدة وفرنسا ودول عربية لاسيما مصر"، مضيفاً "أعتقد أن الاحتواء سيكون سيد الموقف ولكن يلزمه بعض الوقت خاصة أن التصعيد الحالي من الممكن تشبيهه بأنه آخر مراحل المفاوضات السياسية حيث يقوم كل طرف بطرح أوراقه القوية للحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية والتي ستنتج فترة من الهدوء قد تستمر عشر سنوات وجميعنا يعلم حسب التاريخ الحديث للمنطقة بأن فترات الهدوء قد تمتد ما بين عشر إلى 15 سنة وتعود الأمور بعدها إلى التوتر والانفجار للحصول على مكاسب أو بسبب تبدل الأولويات السياسية والدبلوماسية وخلط الأوراق من جديد".
ويواصل كلامه: "بالنسبة لاغتيال هنية وشكر الأمر أصبح الآن مشتركاً، والرد لن يكون باسم حزب الله أو إيران بل سيكون باسم الحرس الثوري الإيراني".
ويتابع: "ولمّح نصر الله في خطابه الأخير اليوم بأن الرد سيكون ضمن هذا النطاق وبأن الحزب لن يقوم بالرد قبل أن يتلقى الضوء الأخضر من الحرس الثوري في طهران الذي سيكون مشرفاً على الضربة التي ستتلقاها إسرائيل بشكل مباشر من لبنان واليمن وسوريا في وقت واحد حسب آراء العديد من المحللين الاستراتيجيين".
ووفقاً للمحلل اللبناني فإن "أكثر ما يخوف تل أبيب الآن الدخول فعلياً في معركة حقيقية ضد التواجد الإيراني في المنطقة، خاصةً أن الداخل الإسرائيلي ورغم دعمه لنتنياهو ولو جزئياً إلا أنه يرى أن الضربات التي قامت بها إسرائيل في أكثر من منطقة سيكون لها أثر سلبي كبير على الداخل الإسرائيلي لكن هذا أمر لا أهمية له كون المجتمع الإسرائيلي أساساً مجتمع حرب ويتقبل الفكرة كأنها فكرة وجودية له".
[caption id="attachment_595563" align="alignnone" width="299"]

فادي عاكوم: محلل سياسي لبناني[/caption]
هل سينتقم الحوثيون من إسرائيل؟
قال زعيم ميليشيا الحوثي عبد الملك الحوثي، مساء اليوم الخميس، في كلمة: “موقف محور القدس والجهاد والمقاومة واضح. لا بد من الرد عسكرياً على الجرائم الخطرة والتصعيد الإسرائيلي الكبير”.
يقول الخبير اليمني عبد الكريم الانسي لوكالة ستيب الإخبارية: "بالتأكيد سيهاجم الحوثيون إسرائيل والتقنية التي استخدمت لطائرات يافا لم تكن فقط لمجرد الاستعراض إنما كانت نتيجة عمليات مشتركة مع دول المحور بعد الهدهد والتي حددت أهداف حساسة ودقيقة لم تكن إسرائيل تستوعب أن تل أبيب في الفترات القادمة ستكون هدفاً للقوات الجوية والبحرية اليمنية"، مضيفاً "حتماً سيكون الرد مؤلم بقدر ما ألمنا خبر اغتيال القائد هنية".
[caption id="attachment_595561" align="alignnone" width="922"]

عبد الكريم الانسي: محلل سياسي يمني والمدير التنفيذي لمنظمة اليمن أولاً[/caption]
وحول سيناريوهات الرد الحوثي، يرى الخبير اليمني أن المواقع التي من المتوقع استهدافها "أولاً من قصف ميناء حديدة يتوجب علينا كيمنيين أن يتم استهداف عسقلان التي فيها أكبر احتياطي نفطي وغاز نفطي إسرائيلي وكذلك حيفا وكذلك مخازن التسليح الأخيرة التي أقدمت إسرائيل على تجهيزها خلال عشرة الأشهر الماضية".
ويزيد: "الثأر بالتالي لا يتلخص في مقتل أبو العبد إنما هو في كل طفل فلسطيني وامرأة ومسن لأكثر من 40 ألف شهيد لأكثر من مئة الف جريح، ولما قامت به إسرائيل من إبادات واغتصابات وتشريد وتهجير. بالتالي جميعنا كعرب لنا ثأر عميق مع هذا الكيان القبيح القذر".
وبحسب الانسي فإنه "لا شيء يرعب الكيان الصهيوني بقدر اليمن قد يتمكن من الاجتياح البري في الجنوب وفي غزة وسوريا، ولكن في اليمن الذي لقنها خلال الفترة السابقة مئتي استهداف وخرق وإذلال وقصف سفن ولم يستطع أن يرد وحينما رد رد بشكل دراماتيكي بأن يفجر خزانات نفط ويقول هذه الرسالة للعرب كافة".
وختم كلامه: "نحن لا شيء يخيفنا ومستعدون لأن ندخل معه الحرب لعشرات السنين وعليه أن يتحمل. العالم بأسره سيقف معنا لأن العالم يتغير وروسيا تعرض كل إمكانياتها انتقاماً لما تقوم به أمريكا وأوروبا في أوكرانيا، وبالتالي عليهم أن يعوا أن كل ما نراه من وحشية هو آخر ما يصل إليه نتنياهو وجيشه منهار والعالم بدأ يتبرأ منه".
ستيب: سامية لاوند
[caption id="attachment_595560" align="alignnone" width="966"]

خبراء يكشفون سيناريوهات رد إيران وحزب الله والحوثي على إسًرائيل.. والمحور الذي "يرعب" تل أبيب[/caption]