سلّط تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الضوء على الدور الحاسم الذي لعبته الزوارق المسيّرة الأوكرانية في تغيير موازين القوى في معركة البحر الأسود ضد روسيا.
استخدمت أوكرانيا زوارق مسيّرة مفخخة انتحارية وزرعت ألغامًا بحرية، مما أسفر عن إغراق أو إتلاف حوالي 20 سفينة روسية من مختلف الأحجام. ووفقًا للتقرير، ألحق الأسطول الأوكراني من الزوارق المسيّرة أضرارًا جسيمة بالجسر الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم، والذي يعد خط إمداد حيويًا للقوات الروسية في أوكرانيا.
منذ عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، تعتبر الدول الغربية المنطقة هدفًا مشروعًا لأوكرانيا. وفي خريف العام الماضي، تعرضت سفينة حربية روسية لأضرار جسيمة بعد انفجارها عقب مغادرتها خليج سيفاستوبول. وأفادت وكالات الأنباء الروسية حينها أن الهجوم كان أول عملية ناجحة باستخدام زوارق مسيّرة من البحرية الأوكرانية.
صرّح إيفان لوكاشيفيتش، المهندس المسؤول عن برنامج الزوارق المسيّرة في البحرية الأوكرانية، أن الهجوم كان الأول من نوعه في الحرب، حيث تعطلت السفينة الروسية بفعل لغم بحري زرعه زورق مسيّر على مسافة 400 كيلومتر قبل عودته إلى الميناء.
وأضاف لوكاشيفيتش: "كانت الزوارق المسيّرة تُستخدم سابقًا في المراقبة أو لأغراض لوجستية. نقوم الآن بأشياء غير مسبوقة عالميًا".
ونتيجة لهذه التطورات، نقلت روسيا معظم أسطولها في البحر الأسود بعيدًا عن سيفاستوبول. وأوضح التقرير أن الزوارق المسيّرة أحدثت تحولًا كبيرًا في الحروب البحرية، مشابهاً لدور الطائرات بدون طيار في الجو. فهي تتميز بتكلفتها المنخفضة وصعوبة كشفها ومواجهتها، مما يمنح الدول الأصغر والأفقر القدرة على مواجهة قوات بحرية أكبر وأكثر تطورًا.
وأشار لوكاشيفيتش إلى أن أوكرانيا، التي لا تملك الموارد اللازمة لبناء أسطول بحري تقليدي، تسعى لتطوير فرق من 10 إلى 20 زورقًا مسيّرًا تتمتع كل منها بمهام خاصة، بحيث يمكنها مجتمعة أن تحقق قوة تعادل سفينة حربية كاملة. كما أن الجيش الأوكراني قام مؤخرًا بتركيب قاذفة صواريخ على زورق مسيّر واستخدامها لمهاجمة أهداف برية.
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن هذه التكتيكات تتماشى مع النهج الأوسع لأوكرانيا في الحرب، حيث تواجه عدواً أقوى وأغنى. وفي ربيع 2022، كان الأسطول الروسي في البحر الأسود يفرض حصارًا على الموانئ الأوكرانية ويهدد بعمليات إنزال برمائية، كما كان يطلق صواريخ كروز على المدن الأوكرانية.
في مواجهة هذه التحديات، كلف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كبار قادة الأمن والدفاع بإيجاد حل، حيث استعانوا بللوكاشيفيتش، الضابط العسكري المحترف بخلفية في الهندسة والحرب السرية.
عمل لوكاشيفيتش على تطوير الزوارق المسيّرة، وفي 29 أكتوبر 2022، أطلقت أوكرانيا 12 زورقًا مسيّرًا باتجاه سيفاستوبول، وصل منها 7 إلى هدفها وألحقت أضرارًا بالفرقاطة "الأدميرال ماكاروف" وسفينتين أخريين، مما أثار الذعر وأظهر قدرة أوكرانيا على استهداف الجانب الشمالي الغربي من البحر الأسود.
وفي هجوم جديد، شنّ الجيش الأوكراني هجومًا كبيرًا بطائرات مسيّرة بعيدة المدى، مستهدفًا 4 مصافي نفط روسية ومحطات رادار وأهداف عسكرية أخرى.
وفي رد فعل، فعّل الروس أجهزة التشويش الإلكتروني لتعطيل إشارات GPS التي توجه الزوارق المسيّرة، مما دفع قائد البحرية الأوكرانية إلى الاعتماد على الصور التي تلتقطها كاميرات الزوارق لتوجيهها نحو أهدافها.
[caption id="attachment_588394" align="alignnone" width="2405"]
الزوارق المسيّرة الأوكرانية.. تقرير أمريكي يسلط الضوء على سلاح أوكراني قلب موازين المعركة[/caption]
