ما تزال ملفات زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية محط الأنظار، وسط حديث عن توجيه السعودية صفعة لبايدن بعد رفض رفع انتاج النفط من جهة والتأكيد على انفتاحها نحو حلفاء جدد من جهة ثانية، بالوقت الذي تحدث رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير عن تغيير القرن المتوقع أن يحدث بأي وقت، مشيراً إلى أنه لن يكون من روسيا.
السعودية توجه صفعة لبايدن
فشل الرئيس الأمريكي جو بايدن بتحقيق نتائج زيارته إلى السعودية، ولو أنه حقق جزءاً منها، إلا أنّ الأولويات الأكبر في الملفات التي حملها بقيت عكس ما تمناه.
واعتبر تقرير لوكالة "رويترز" أن الرئيس الأمريكي غادر السعودية بعد حضور "قمة الأمن والتنمية" في مدينة جدة، دون أن يحقق نجاحات حول تأمين الطاقة وإنشاء حلف إقليمي.
وذكرت رويترز أن بايدن أبلغ الزعماء العرب أن الولايات المتحدة ستظل شريكاً فعالاً في الشرق الأوسط، ولكنه أخفق في الحصول على التزامات بإنشاء محور أمني إقليمي من شأنه أن يشمل "إسرائيل"، أو زيادة إنتاج النفط بشكل فوري.
وقدّم بايدن، الذي بدأ أول جولة له بالشرق الأوسط منذ توليه الرئاسة بزيارة "إسرائيل"، رؤيته واستراتيجيته لدور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، خلال قمة جدة.
كذلك أشار التقرير إلى أن اجتماع بايدن مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، كان شديد الحساسية بعدما أثار الرئيس مسألة حقوق الإنسان، مما دفع ولي العهد إلى إصدار انتقادات مضادة.
أما الملف الآخر شديد الحساسية الذي طرحه بايدن، تمثل بتعهده ألا تترك أمريكا الشرق الأوسط بفراغ تسعى روسيا والصين إلى سدّه، إلا أنّ رداً مباشرة جاء من الصين عقب خطاب بايدن، حيث اعتبرت الخارجية الصينية أن دول المنطقة هي ذات سيادة وحرّة التصرّف باختيار حلفائها.
اقرأ أيضاً|| مواجهة بحرية بين الصين وأمريكا.. مُدمِّرة أمريكية تتحدى الجيش الصيني بمنطقة متنازع عليها
أما من جانبه قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان في ردٍ على صحفي أمريكي حول إذا ما كانت المملكة ستشتري أنظمة صواريخ من الصين، إن " السعودية ستشتري أنظمة دفاع صاروخي أو أي أسلحة دفاعية وفقاً لأفضل الحلول المتاحة وحسب احتياجاتها".
وأوضح أن المملكة ترى الولايات المتحدة "كشريك أساسي في المشتريات الدفاعية" مضيفًا أنه "إذا لم تتمكن السعودية من الحصول على معدات أمريكية، فستبحث عنها في مكان آخر".
بينما رد على سؤال الصحفي حول أن بايدن يرى أن روسيا والصين هما "عدوان لهم"، مضيفاً: “لا أعتقد أنني سمعت من قبل الرئيس بايدن يصف الصين بالعدو، وأحذر من ذلك، ونرى حقاً الولايات المتحدة شريك أساسي في الأمن القومي".
وتابع بن فرحان: "الصين هي ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم وحتى تحظى المنطقة بالازدهار المستدام نحتاج إلى التعاون وليس المواجهة".
الصين عثرة بوجه بايدن
وقبل أيام تحدث تقرير لمجلة بولتيكو الأمريكية وسلط الضوء على تطور علاقات السعودية مع الصين وتأثير ذلك على طبيعة العلاقات التاريخية التي تربط الرياض بواشنطن، ومدى نجاح زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة.
وقالت المجلة إن الصين تقف في طريق تواصل بايدن مع السعودية، مشيرة إلى أن العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والسعودية منحت بكين مكاسب دبلوماسية مفاجئة.
بايدن من جهته سبق وكتب مقال في صحف أمريكية تطرق فيه إلى ضرورة تحسين العلاقات الأمريكية السعودية من أجل جعل الولايات المتحدة "في أفضل وضع ممكن للتغلب على الصين".
وأبرمت الصين والمملكة العربية السعودية "شراكة استراتيجية" في عام 2016 مرتبطة بـ "تعاون مستقر طويل الأجل في مجال الطاقة".
وبلغت قيمة التعاملات التجارية الثنائية بين البلدين 65.2 مليار دولار في عام 2020، مقارنة بنحو 19.7 مليار دولار مع الولايات المتحدة خلال الفترة ذاتها.
وتقدمت العلاقات بين البلدين خطوة إضافية في مارس الماضي حين نقلت معلومات أن الرياض أبدت نيتها التخلي عن المعاملات بالدولار الأمريكي لبعض مبيعات النفط وتحويلها إلى عملة الصين.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن الصين تلعب أيضاً دوراً طويل الأمد كمورد للمعدات العسكرية والتكنولوجيا للمملكة العربية السعودية من خلال توفير معدات ترفض الولايات المتحدة بيعها للرياض بسبب مخاوف من إثارة سباق تسلح إقليمي.
وفي ديسمبر الفائت كشفت وكالة المخابرات الأمريكية عن قيام الصين ببيع معدات وتكنولوجيا تسمح للرياض بتصنيع صواريخها الباليستية على أرضها.
تغيير القرن قادم من الشرق
ومع استمرار الحديث عن خطورة التمدد الصيني في المنطقة والعالم، اتجه رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، إلى وصف الوضع العالمي بالمتغير مشيراً إلى أنه يمكن أن ينهار نظام أحادي القطب، لكن الخطر ليس من روسيا.
وقال بلير: إن حرب أوكرانيا أظهرت أن هيمنة الغرب تشهد نهايتها في ظل صعود الصين لتكون قوة عظمى بالشراكة مع روسيا في أوضح نقاط التغيير في المشهد العالمي منذ قرون.
وأوضح بلير أن العالم في مرحلة تحول في التاريخ يمكن مقارنتها بنهاية الحرب العالمية الثانية أو انهيار الاتحاد السوفياتي لكن هذه المرة وبوضوح الغرب ليس في الكفة الراجحة.
اقرأ أيضاً|| جنرال أمريكي يكشف أهدافاً ستضربها أمريكا بالصين عند اندلاع الحرب
وخلال خطاب ألقاه في منتدى لدعم التحالف بين الولايات المتحدة وأوروبا في ديتشلي بارك غرب لندن في محاضرة حملت عنوان "بعد أوكرانيا، ما الدروس الحالية للقيادة الغربية؟" قال بلير "نحن نشهد نهاية الهيمنة السياسية والاقتصادية الغربية".
وتابع قائلا "سيصبح العالم ثنائي القطب على الأقل أو متعدد الأقطاب.. التغيير الجيوسياسي الأكبر في هذا القرن سيأتي من الصين وليس من روسيا".
وأشار إلى أن حرب أوكرانيا أوضحت بما لا يدع مجالا للشك أن الغرب لا يمكنه الاعتماد على الصين "لتتصرف بطريقة نعتبرها عقلانية".
وأضاف بلير "مكان الصين كقوة عظمى طبيعي ومبرر. إنها ليست الاتحاد السوفياتي" لكنه قال: إن على الغرب ألا يسمح للصين بالتفوق عسكرياً.
وشغل بلير منصب رئيس وزراء بريطانيا في الفترة من 1997 وحتى 2007، وكان أحد أعمدة الحرب على العراق، التي قادتها الولايات المتحدة وبريطانيا عام 2003 وأطاحت خلالها بنظام الرئيس العراقي السابق، صدام حسين.
يشار إلى أنّ الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة وضعت المواجهة مع الصين على رأس سلّم أولوياتها الخارجية، واعتبرت الصعود العسكري والاقتصادي الصيني هو الخطر الخارجي الأول على الأمن القومي الأمريكي.
[caption id="attachment_470729" align="aligncenter" width="1200"]

السعودية توجه صفعة لبايدن و"تحرك القرن" ليس من روسيا[/caption]