
[highlight color="blue"]سبب الاقتتال الطائفي بالعراق[/highlight]
يشرح الدبلوماسي العراقي السابق والخبير السياسي، الدكتور محمود المسافر بأن الأدوات الإيرانية في العراق وهي ما تسمى بالفصائل الولائية تريد أن تبين الجرائم في ديالى و الاقتتال الطائفي بالعراق على أنها أعمال انتقام طائفية بين القبائل والعشائر التي تعيش في منطقة واحدة. ويقول: بعد أن خسر الولائيون الهيمنة في العملية السياسية العراقية التي صممها الأمريكان بالتوافق مع الرغبة والمصالح الإيرانية يريد الولائيون أن يعيدوا العراق إلى المربع الأول الذي يتكون من معادلة مهمة لهم وهي وجود داعش والخطر الإرهابي على الشيعة وأنه لا يمكن إلا لهذه الفصائل أن تحميهم من داعش ومخاطره. ويضيف: طالما أن هناك الاقتتال الطائفي بالعراق في المناطق التي يتواجدون فيها السنة والشيعة معاً لا بد للفصائل الولائية من التواجد لحماية الشيعة في ديالى من خطر داعش السنية. وعلى هذا تصنف هذه الفصائل أي سني فهو داعشي بامتياز. ولكن هذا التصريف الطائفي لم يعد ينفع اليوم بعد أن انكشف لدى كل العراقيين دور إيران المقيت في العراق والذي يستهدف كل العراقيين بدون استثناء. ويؤكد الدكتور "المسافر" أنه الأمر كله تقوده إيران، وأن الأحداث السابقة منها فتح سجن "أبي غريب" وتهريب قيادات داعش ومن ثم انسحاب الجيش من الموصل وتأسيس الحشد الشعبي بفتوى المرجعية ومن ثم ترك الأمور كلها بيد الحشد الشعبي وتمكينه من مقدرات الناس في المناطق التي اكتوت بنار داعش والميليشيات. وأخيراَ انفصال بعض الفصائل الولائية عن الحشد وتكوينها محاور تمركز في المناطق الحيوية من أجل تمكين إيران من السيطرة على العراق والممر الحيوي إلى سوريا ولبنان، كل هذا يدلل على أن كل هذا السيناريو كان من تصميم إيران وتنفيذ أدواتها في العراق. في الوقت ذاته يشير الخبير السياسي العراقي إلى أن "الحكومة ليست موحدة حتى نستطيع أن نتوقع موقفها. والحكومة تتكون من كل المكونات السياسية المشاركة في العملية السياسية، والأسوأ من ذلك أنها ممثلة للفصائل الولائية وتايكونات الفساد في العراق. وإلى الآن فشل ما يسمى برئيس الوزراء في أن يفي بأي من تعهداته في ملاحقة المجرمين وجلبهم للعدالة وفضح الفاسدين ومحاكمتهم". ويردف قائلاً: "استمرار وجود الميليشيات الولائية يبقي الأزمة مشتعلة ويرهن مستقبل البلد لصالح الدولة التي تتحكم بمقدرات الميليشيات. أما كيف يمكن ترويضها فإن الأمر لا يتعلق بترويضها بل بالقضاء عليها ومحاسبة ومعاقبة كل من ارتكب جريمة ضد الشعب العراقي". [divider style="dashed" top="20" bottom="20"][highlight color="blue"]علاقة الانتخابات مع الاقتتال الطائفي بالعراق[/highlight]
من جانبه يوضح الباحث السياسي، حسين صالح السبعاوي، العلاقة بين خسارة العديد من مرشحي الميليشيات للانتخابات وتزامن الأمر مع المجازر الطائفية التي ارتكبت و الاقتتال الطائفي بالعراق. ويقول: إن المتسبب الحقيقي وراء الاقتتال الطائفي بالعراق هو ضعف الحكومة وتغول الميليشيات على حساب قوة الدولة، واليوم الميليشيات هي المتحكم في المشهد السياسي والأمني في العراق والحكومة العراقية هي أضعف حلقات الدولة، وبسبب خسارة المليشيات في الانتخابات الأخيرة في ديالى تحديداً وفي العراق عموماً بدأت بإثارة الطائفية واستخدام السلاح ضد أهل السنة العزل. ويضيف: ما حدث في قرية الرشاد الشيعية ليلة ٢٧ في شهر تشرين الأول الماضي بأن داعش دخلت القرية وقتلت بعض أفراد القرية ولو صحت هذه الرواية فيجب على القوات الأمنية ملاحقة الجناة وقتلهم أو القاء القبض عليهم وليس بترك الميليشيات تذهب مدججة بالسلاح وتقتل الأطفال والشيوخ والمدنيين في قرية نهر الإمام ثم تحرق بيوتهم وبساتينهم وتنهب أموالهم ثم تهجر أهالي القرية والقرى المجاورة، رغم أن هناك شكوك بأن الميليشيات هي من افتعلت هذه الحادثة لتنتقم أهالي القرية الأخرى من أهل الذين لم يصوتوا لمرشحيهم في الانتخابات، سيما أنهم قالوا لأهالي القرية حين الاجتياح وأثناء ارتكاب المجزرة "لينفعكم من انتخبتموهم". ويشير إلى أن الخسائر في قرية الرشاد الشيعية ١٣ ضحية و١٥جريح، أما الخسائر في قرية نهر الإمام وقرية الميثاق وقرية العامرية فلا يمكن حصرها لأنه ما زال هناك جثث داخل المنازل وجثث قد احترقت، أما ما وصل من جثث إلى المستشفى فهي ١٢ ضحية وعشرات الجرحى، لكن البقية ما زالت داخل القرى التي تحاصرها الميليشيات ولا تسمح حتى للقوات الأمنية بالدخول إليها. ويتابع: ذكر مركز أفاد الحقوقي ومن خلال تقصيه للحقائق وتواصله مع بعض العناصر الأمنية وقد حصل على شهادات من بعضهم ومنهم ضابط برتبة نقيب وبعض المراتب الذين رفضوا ذكر أسمائهم والذين يتواجدون في أطراف القرى المنكوبة بأنه ما زال هناك الكثير من الجثث داخل القرى التابعة لقضاء المقدادية إضافة لحرق البيوت والبساتين ونهب الأموال كانت من طرف واحد وهي القرى التي يقطنها أهل السنة. [divider style="dashed" top="20" bottom="20"][highlight color="blue"]هل عادت النزعة الطائفية؟[/highlight]
يؤكد "السبعاوي" على أن النزعة الطائفية لم تزول حتى نقول بأنها تعود وتسبب في حرب طائفية، والطائفية والانتهاكات والقتل والتهجير والاعتقال هو من طرف واحد. ويقول: هذا الحال منذ ٢٠٠٣ وإلى الآن المكون السني هو المستهدف من قبل الحكومة أو من قبل المليشيات المدعومة من قبل أمريكا وإيران خصوصاً في مدينة ديالى ذات الأغلبية السنية والتي لا يشكل الشيعة فيها ٢٠% من السكان ودليل ذلك الانتخابات التي أجريت في ٢٠٠٥ لم يحصل الشيعة سوى على مقعدين فقط ولهذا السبب هي مستهدفة وبعد سنة ٢٠١٠ تحولت هذه الأقلية إلى الكثير بفعل القتل والتهجير للسكان في المدينة. ويلفت إلى أنه في الانتخابات الأخيرة فقد فاز السنة بثمانية مقاعد من مجموع ١٤ مقعد ومقعد واحد فاز به الأكراد فبقي للشيعة ٥ مقاعد فقط وعادوا أقلية وهذا الذي
[highlight color="blue"]أين زعماء الشيعة والسنة بالعراق؟[/highlight]
يرى "السبعاوي" أن هذه الحادثة التي حدثت في قضاء المقدادية وتحديداً في القرى التي ذكرت هي مفتعلة بسبب نتائج الانتخابات التي خيبت أمال الميليشيات ومشروعها التوسعي والإقصائي والذي هو جزء من المشروع الإيراني لمدينة ديالى التي يراد تشييعها بقوة السلاح أو تهجير، أهلها ويبدو أنهم لم يحققوا هذا الهدف الذي عملوا عليه من ٢٠٠٦ والى الآن لأن نتيجة الانتخابات كانت على غير ما يتوقعون. ويشدد الباحث العراقي على أن زعماء الشيعة يقفون إلى جانب المليشيات وهم الداعمين لها بدليل أن أغلب السياسيين الشيعة ورجال الدين لم تصدر منهم أي إدانة لما قامت به الميليشيات من قتل وتنكيل بأهل السنة في المقدادية، وقد تهجر السكان أمام أنظار الحكومة والقوات الأمنية ولم تقوم بحمايتهم فاكتفت بالتفرج على ما تفعله الميليشيات. فيما اعتبر أن زعماء السنة فهم في أضعف حال سواء السياسيين أو العشائر أو أي زعيم سني لا يجرأ على قول كلمة الحق ولا يستطيع فعل أي شيء لأنهم سوف يستهدفونه في اليوم الثاني بقضية دعم الإرهاب أو الفساد وما إلى ذلك من ملفات، وقسم آخر من زعماء السنة فلا يهمه كل ما يجري على أهل السنة بل تهمه المصلحة الشخصية وبقائه في المنصب، والقسم الأخير من زعماء السنة فهم قد تحولوا للعمل ضمن المشروع الإيراني ويعملون بكل جد ولا يبالون بما يجري بل هم جزء من المشكلة. ويستطرد قائلاً: إن ما يتعرض له أهل السنة في العراق سواء في مدينة ديالى أو بقية المدن الأخرى فهو يدخل ضمن المشروع الإيراني الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية أو على الأقل تغض الطرف عنه لأنهما متخادمان في استهداف العراق وتمكين الميليشيات منه سواء أمنياً وسياسياً ليتحول العراق إلى نموذج الدولة الفاشلة. [divider style="dashed" top="20" bottom="20"][highlight color="blue"]صراع عقائدي بالعراق[/highlight]
من وجهة نظر الدكتور راهب صالح، رئيس مركز الرافدين الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، أن المجتمع القبلي العراقي متداخل فيما بينه، أما النزاع الطائفي فهو عقائدي ويعتمد على اختلاف المذاهب أو بالأحرى على السنة والشيعة. ويقول: في العراق عشائر عربية أصيلة لكن بحكم موقعها الجغرافي الذي تسكن فيه تجدها إما سنية أو شيعية، ومثال بسيط على ذلك، تجد قبيلة "شمر" في شمال العراق وغربه سنية، أما من سكن جنوب العراق تراهم شيعة، فمن الغبن والاجحاف أن نقول أن قبيلة شمر كلها تساند ميليشيات الحشد الشعبي وأن هنالك عدداً من أفرادها من الذين ينتمون إلى "الحشد" وهم من أبناء مناطق الجنوب مثلاً، والعكس صحيح بالنسبة للمناطق الغربية والشمالية إن وجد فرد هنا وهناك انتمى لداعش فبكل تأكيد هو لا يمثل سوى نفسه في انتمائه هذا الغير طبيعي. ويوضح "صالح" بأن الطرفين يعتمدان على المسألة العقائدية والاخطاء الحكومية الكارثية التي هي اول الاسباب التي رسَّخت ونمَّت العقائدية وفوارقها وداعش، واستثمرت الميليشيات هذا النتاج الحكومي ليغذوا تواجدهم، وتأكد أن لا ولاء لهم مجتمعياً على الاطلاق. ويضيف: الحكومة تمثل آراء وفكر الميليشيات التي تسيطر عليها، الكل يعلم أن في العراق الدولة العميقة، هي من تحكم وتدير شأن العراق بما يناسب مصالحها وتطلعاتها، والدليل على ذلك، جرف الصخر والطارمية، والآن ديالى، فأين الحكومة من هذه المناطق؟، وإذا بقيت الأمور على مسارها الحالي فالبلد متجه الى أعماق الهاوية لا محال. [divider style="dashed" top="20" bottom="20"][highlight color="blue"]الفوضى بقرار خارجي[/highlight]
يؤكد "صالح" بأن تنظيم داعش لم ينتهِ فعلياً، معتبراً أن نهايته كانت إعلامياً، حيث أنه كان موجود في الصحراء في فترة حكم نوري المالكي الذي تواطئ مع بعض قادة الجيش العراقي وسمح لهم بدخول المدن العراقية واحتلال ثلثي العراق. ويقول: المختص في شؤون هذه الجماعات الارهابية يعلم انهم لا يستحوذون على الارض ولا يتمسكون بها وليس هذا هدفهم، لذلك وبعد عمليات التحرير التي أطلقتها الحكومة العراقية بمساعدة المجتمع الدولي الذي شكل تحالفاً لمحاربة داعش، وبعد تحرير كل مدينة لا نرى جثثاً لقوات داعش أو لقادتها بل إن أغلب الجثث لمدنيين قُتلوا جرَّاء القصف. ويشير إلى أنه بكل بساطة يمكن لداعش أن يعود في أي لحظة إذا وجد من يدفع له ويحركه، فهو خدمة مدفوعة الثمن، والدليل على ذلك عملياته الأخيرة في سامراء وديالى التي أعادت المنطقة إلى مربع الطائفية الأولى. ويضيف: كل ما يحصل في داخل العراق هو قرار خارجي وهذا معلوم لدى القاصي والداني، فالفوضى والإرهاب بقرار خارجي والاستقرار والأمان الذي نبحث عنه أيضاً بقرار خارجي، والدليل أن لا وجود لرأي الشعب هو اعتصامات المدن السنية في عام 2013 التي سُحقت بداعش، وثورة تشرين في عام 2019 التي سُحقت بالميليشيات، نعم هي مستمرة ولكن التضحيات تبقى أيضاً مستمرة، ومثال اخر بسيط، اليوم نحن نعيش في نتائج الانتخابات التي جرت في الشهر الماضي، والتي لم ولن تُشكل حكومة إذا لم تختار أعضاءها وتباركها حكومة إيران الجارة. ويشدد "صالح" على أن المشكلة الأساس اليوم هو الولاء إلى الخارج وهذه هي الكارثة الكبرى فمن لا ينتمي إلى الأرض ولا يكون جزءاً من المجتمع كيف له أن يبني ويعمِّر ويحقق الأمن؟. ويتابع: هؤلاء الولائيون هدفهم هو تعقيد الوضع الحالي، وخلق الأزمات وتفويت أي فرصة من الممكن خلالها عودة العراق إلى وضعه الطبيعي، وعلينا إذا أردنا التغيير في العراق كخطوة أولى هي القضاء على هذه الميليشيات المسلحة، وهذا الدور نحمِّله للمجتمع الدولي ونطالبه بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه ما يحصل في العراق وليؤدي دوره الطبيعي بخلاص المجتمع العراقي من هذه الآفات الارهابية المنتشرة والمعروفة المصدر. اليوم، بينما تدّعي النخبة السياسية تَجاوُز المناكفات والانقسامات الطائفية بعد الانتخابات الأخيرة، تبدو أحداث المقدادية و الاقتتال الطائفي بالعراق والذي اضطُهد فيه السنة المدنيون، اختباراً هامّاً لهذه المزاعم، ونقطة تحول قد تجرف العراق إلى أعمال عنف تعيده للدائرة الأولى للصراع القديم المتجذّر. [caption id="attachment_412630" align="aligncenter" width="2405"]